للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال يزدجرد: «قد كنت أخبرت أنّى سأحتاج إلى أربعة دراهم، وأضطرّ إلى أن يكون أكلى أكل الهرّ، فقد عانيته.» ثمّ انتزع أحد قرطيه، وأعطاه الطحّان مكافأة لكتمانه عليه، ودنا منه كأنّه يكلّمه بشيء، فأنذر الرجل أصحابه، وأتوه، فطلب إليهم يزدجرد ألّا يقتلوه، وخوّفهم ما عليهم من دينهم من ذاك [١] . وقال:

- «آتوني الدهقان أو سرّحونى إلى العرب، فإنّهم يستحيون مثلي من الملوك.» فأخذوا ما كان عليه من الحلىّ، فجعلوه في جراب، وختموا عليه، ثمّ خنقوه بوتر، وطرحوه في نهر مرو، فجرى به الماء حتّى انتهى إلى فوهة الدريق [٢] ، فتعلّق بعود، فأخذ من هناك. ثم تفقّد أبو نزار أحد قرطيه، فأخذ الذي دلّ عليه، فضربه حتّى أتى على نفسه، وبعث بما أصيب له إلى الخليفة يومئذ، فأغرم الخليفة الدهقان قيمة القرط المفقود.

[رواية أخرى في ذلك]

وقد حكى في رواية أخرى: أنّ نزار وسنجان كانا متباغضين [٤٧١] متحاسدين، وخصّ به نزار فحسده سنجان، فظهر ذلك لنزار، فجعل يوغر صدر يزدجرد ويسعى في قتله، ولم يزل يغرى يزدجرد بسنجان حتّى عزم على قتله، وأفشى ما كان عليه عزم من ذلك إلى امرأة من نسائه كان نزار واطأها. فأرسلت إلى نزار [٣] تبشّر بإجماع يزدجرد على قتل سنجان، وفشا الحديث وبلغ سنجان.

فجمع جموعا وتوجّه نحو القصر الذي فيه يزدجرد، وبلغ ذلك نزار، فنكص عن سنجان لكثرة جمعه، وأرعب ذلك يزدجرد. فخرج ذاهبا على وجهه راجلا ينجو


[١] . أنظر الطبري (٥: ٢٨٨١) .
[٢] . مط: الدريو. وفي الطبري: الرزيق، وفي حواشيه: الزريق (٥: ٢٨٨١) .
[٣] . الأصل: نزارا، فمنعناه من الصرف. كما في سائر المواطن من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>