للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أجمع رأى الناس على أن يبعثوا إلى عثمان رجلا يكلّمه ويخبره بأحداثه.

فأرسلوا إليه عامر بن عبد القيس التيمي، وكان يعدّ من النسّاك. فأتاه فدخل عليه فقال:

- «إنّ ناسا من المسلمين اجتمعوا ونظروا في أعمالك، فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما، فاتق الله، وتب إليه، وانزع عنها.» فقال عثمان: «انظروا إلى هذا، فإنّ الناس يزعمون أنه قارئ، ثم يجئ فيكلّمنى في المحقّرات [١] ويزعم أنها عظائم، فوالله ما يدرى أين الله.» قال عامر: «أنا لا أدرى أين الله؟» قال: «نعم، والله لا تدرى أين الله.» قال عامر: «بلى والله، إنى لأدرى أنّ الله لك لبالمرصاد.» فأرسل عثمان إلى معاوية [٤٧٥] بن أبى سفيان، وإلى عبد الله بن سعد بن أبى سرح، وإلى سعيد بن العاص، وإلى عمرو بن العاص وأمثالهم، فجمعهم يشاورهم ويخبرهم بما بلغ منه. فلما اجتمعوا عنده قال:

- «إنّ لكل امرئ وزراء نصحاء، وإنّكم وزرائى ونصحائى وأهل ثقتي، وقد صنع الناس ما رأيتم، وطلبوا إلىّ أن أعزل عمّالى وأن أرجع عن جميع ما يكرهون إلى ما يحبّون. فاجتهدوا لى رأيكم ثم أشيروا علىّ.» فقال عبد الله بن عامر:

- «رأيى لك يا أمير المؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك، وأن تجمّرهم في المغازي حتى يذلّوا لك، فلا تكون همّة أحدهم إلّا نفسه، وما هو فيه من دبر دابّته وقمل فروته.» ثم أقبل على سعيد بن العاص فقال: «ما رأيك؟»


[١] . أنظر ابن الأثير ٣: ١٤٨، والطبري ٦: ٢٩٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>