للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له علىّ: «إنّك لا تزال تحنّ [١] حنين الجارية، وما الذي أشرت به علىّ فعصيتك؟ تكلّم به ليسمعه الناس.» قال: «كنت قلت لك يوم أحيط بعثمان: أن تخرج من المدينة فلا تشهد قتله فأبيت. وقلت لك يوم قتل: لا تبايع حتى يأتيك وفود العرب وبيعة أهل الأمصار، فأبيت. ثم قلت لك حين فعل الرجلان ما فعلا أن: تجلس في بيتك حتى يصطلح الناس، فإن كان فساد كان على يدي غيرك [٥٢٥] فعصيتني في ذلك كلّه.» فقال: «أى بنىّ! أمّا قولك: لو خرجت من المدينة، فوالله لقد أحيط بنا كما أحيط به.

- «وأمّا قولك: انتظره حتى يأتيك الوفود وأهل الأمصار، فإنّ الأمر أمر أهل المدينة، وعقدهم جائز على المسلمين، وكرهنا أن نضيع هذا الأمر فتكون فتنة.» - «وأمّا قولك حين خرج طلحة والزبير أن اجلس في بيتك، فإنّ ذلك كان وهنا على أهل الإسلام لو فعلته. وو الله ما زلت مقهورا منذ ولدت، منقوصا لا أصل إلى حقّى، ولا إلى شيء مما ينبغي لى.» - «وأما قولك: اجلس في بيتك، فكيف لى بما لزمني؟ أتريد أن أكون كالضبع التي يحاط بها ويقال [٢] : داب داب، أمّ عامر ليست هاهنا، حتى يحلّ عرقوباها.

إذا لم أنظر في ما لزمني ويعنيني فمن ينظر فيه.» فكفّ عليك يا بنىّ. إنّ النبىّ- صلى الله عليه- قبض وما أرى أحقّ بهذا الأمر منّى، فبايع الناس أبا بكر، فبايعت كما بايعوا. ثم هلك أبو بكر وما أرى أحقّ بهذا الأمر منّى، فبايع الناس عمر، فبايعت [٥٢٦] كما بايعوا. ثم هلك عمر وما أرى أحقّ بهذا الأمر منّى، فجعلني سهما من ستة أسهم. ثم عدل عنّى إلى عثمان، فبايعت كما بايع الناس. ثم سار الناس إلى عثمان، فقتلوه، وأتونى طائعين غير


[١] . ابن الأثير: «تخنّ خنين (٣: ٢٢٢) والأصل يطابق الطبري (٦: ٣١١٠) .
[٢] . ابن الأثير: ويقال ليست هاهنا حتى يحلّ عرقوباها حتى تخرج (٣: ٢٢٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>