للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذمرت [١] عائشة الناس لما رأت أنّ الناس لا يريدون غيرها ولا يكفّون.

فازدلفت مضر البصرة، فقصفت مضر الكوفة حتى زوحم علىّ. فكانت الحرب صبيحة هذا اليوم مع طلحة والزبير، فلما انهزم الزبير، وأصيب طلحة، وذلك بعد الظهر، صارت الحرب مع عائشة.

قال محمد بن الحنفية: دفع أبى إلىّ اللواء، وقال:

- «احمل!» فحملت حتى لم أر موضعا لحملة- وقد كان زوحم علىّ.

فنخس علىّ قفا محمد، وقال: «تقدّم!» وقال: فلم أجد متقدما إلّا على سنان فقلت:

- «لا أجد متقدّما.» [٥٥٥] فتناول الرمح من يدي متناول لا أدرى من هو. فنظرت، فإذا أبى بين يدىّ. و [اقتتلت] [٢] المجنّبتان حين تزاحفتا قتالا يشبه ما فيه القلبان، وارتجز الفرسان، وكثر القتلى وتنادى الكماة في عسكر علىّ وعسكر عائشة، لما رأوا الصبر الشديد:

- «يا أيها الناس! طرّفوا إذا فرغ الصبر ونزع النصر.» فجعلوا يتوخّون [٣] الأطراف: الأيدى والأرجل، فما رأيت وقعة قطّ قبلها ولا بعدها، ولا سمع بها، أكثر يدا مقطوعة ورجلا مقطوعة منها، لا يدرى صاحبها.

فكان الرجل من هؤلاء وهؤلاء إذا أصيب بشيء من أطرافه استقتل [إلى أن يقتل] [٤] .


[١] . مط: وبرت.
[٢] . مط والأصل: وأقبلت. وما أثبتناه يؤيده الطبري (٦: ٣١٩٣) .
[٣] . في الطبري: يتوجّون (٦: ٣١٩٤) .
[٤] . في الأصل: إلّا أن لا يقتل. وفي مط: إلى أن لا يقتل. وصححناه حسب الطبري (٦: ٣١٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>