للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنادى الأشتر: «يا أهل هذا الحصن، إلىّ، إنّى أقسم بالله، لئن مضى أمير المؤمنين ولم تجسروا له عند مدينتكم جسرا حتى يعبر، لأجرّدنّ فيكم السيف، ثم لأقتلنّ الرجال، وأخر بنّ الديار، ولأنهبنّ الأموال.» فلقى بعضهم بعضا، فقالوا: «هو الأشتر، ويفي بما حلف عليه، ويأتى بما هو شرّ منه.» فنادوه: «نعم، إنّا ناصبون لكم جسرا، فأقبلوا.» فجاء علىّ، فنصبوا له الجسر، فعبر علىّ بالأثقال [٥٧٢] والرجال. ثمّ أمر علىّ الأشتر، فوقف في ثلاثة آلاف فارس حتى لم يبق من الناس أحد إلّا عبر، ثم عبر آخر الناس رجلا.

فأما زياد بن النضر وشريح بن هانئ، فسارا أمام علىّ- كما ذكرنا- من الكوفة، آخذين على شاطئ الفرات من قبل البرّ مما يلي الكوفة، حتى بلغا عانات، فبلغهما [أخذ علىّ] على طريق الجزيرة [١] ، وإنّ معاوية قد أقبل من دمشق في جنود أهل الشام، فقالا:

- «والله ما هذا لنا برأى: أن نسير وبيننا وبين المسلمين وأمير المؤمنين هذا البحر، ومالنا خير في أن نلقى جنود الشام بقلّة من معنا منقطعين من المدد.

فذهبوا ليعبروا من عانات، فمنعهم أهل عانات، وحبسوا عنهم السفن. فأقبلوا راجعين حتى عبروا من هيت [٢] ، ثمّ لحقوا عليّا، فقال عليه السلام:

- مقدّمتى تأتينى من ورائي!» فتقدّم إليه زياد وشريح، وأخبراه بما رأيا. فقال: «سدّدتما.»


[١] . في الأصل ومط: «فبلغهما علىّ آخذا على طريق الجزيرة» وهي مضطربة، فأثبتناها كما في الطبري (٦: ٣٢٥٩) .
[٢] . هناك ثلاثة مواضع مسماة ب «هيت» : الأول: بلدة على الفرات من نواحي بغداد. والثاني: دحل تحت عارض جبل باليمامة. والثالث: من قرى حوران من ناحية اللوى من أعمال دمشق (يا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>