للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انصرفوا من تحت ليلتهم، ويصبّحنا علىّ غدوة. فقدّم الأشتر في من كان معه في [٥٧٥] تلك المقدمة. وجاء علىّ في أثره حتى لحق بالأشتر وانتهى إلى معاوية.

قال: فلمّا انتهينا إلى معاوية وجدناه قد عسكر في موضع سهل أفيح، قد اختاره قبل قدومنا، إلى جانب شريعة الفرات، ليس في ذلك الصقع كلّه شريعة غيرها، وجعلها في حيّزه، وبعث عليها بأبى الأعور يمنعها ويحميها.

قال: فارتفعنا على الفرات رجاء أن نجد شريعة غيرها نستغني بها عن شريعتهم، فلم نجدها.

قال: فأتينا عليّا، فأخبرناه بعطش الناس، وقال له الأشتر:

- «إنّ القوم قد سبقوك إلى الشريعة وإلى سهولة المنزل [١] ، فإن رأيت سرنا حتّى نجوزهم إلى القرية التي خرجوا منها، فننزل في منزلهم، فإنهم يشخصون في إثرنا، فإذا لحقونا نزلنا فكنّا [نحن] [٢] وهم على السواء.» فكره ذلك علىّ وقال: «ليس كل الناس يقوى على المسير.» ونزل بهم، فقال علىّ: «قاتلوهم على الماء.» وبعث إلى معاوية برسول يقول:

- «إنّا سرنا إليك، ومن رأينا الكفّ، إلى أن تنظر لنفسك، وننظر، وامتنعنا من قتالك، فبدأتنا، وهذا الماء تمنعنا منه، فخلّ بين الناس وبين الشريعة حتى ننظر [٣] ، وإن كان الأعجب إليك أن نترك ما جئنا له، ونترك الناس يقتتلون على الماء، حتى [٥٧٦] يكون الغالب هو الشارب.» فقال معاوية لأصحابه: «ما ترون؟» فأما أكثر الناس قال: «ولا نعمى عين، نمنعهم الماء كما منعوه عثمان، فإن رجعوا كان ذلك فلّا لهم.»


[١] . في الطبري: إلى سهولة الأرض وسعة المنزل (٦: ٣٢٦٤) .
[٢] . تكملة من الطبري (٦: ٣٢٦٤) .
[٣] . مط: حتى تنظروا فان كان..

<<  <  ج: ص:  >  >>