للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «أمّا بعد، فإنّى كبرت، ودقّ عظمى، وشنفت [١] لى قريش، فإن رأيت أن تعزلني، فاعزلنى.» فكتب إليه معاوية:

- «جاءني كتابك تذكر أنّه كبرت سنّك، فلعمرى، ما أكل عمرك غيرك، وتذكر أنّ قريشا شنفت لك، ولعمري، ما أصبت خيرا إلّا منهم، وتسألنى أن أعزلك، فقد فعلت، فإن تك صادقا فقد شفعتك [٢] ، وإن تك مخادعا، فقد خادعتك.» فلما ورد المغيرة باب معاوية، ذهب كاتبه إلى سعيد بن العاص، وأشار عليه أن يخطب ولاية الكوفة، ودلّه على وجوه من الرغائب. فلما بلغ ذلك المغيرة، شقّ عليه، ودخل على يزيد بن معاوية، وعرّض له بالبيعة، فدخل يزيد على أبيه.

فأعلمه ذلك، فدعا معاوية المغيرة، ورفق به، وردّه إلى الكوفة، وسأله أن يأخذ بيعة يزيد على الناس. [٦٨] وقال عمرو بن العاص:

- «ما رأيت معاوية متّكئا قطّ، واضعا إحدى رجليه على الأخرى، كاسرا [٣] عينه، يقول لرجل: تكلّم، إلّا رحمته.»

[بين معاوية وهانئ]

حكى الشعبىّ: أنّ وفد الكوفة قدموا على معاوية لمّا أراد البيعة ليزيد، وفيهم هانئ بن عروة المرادي. فبينا أنا جالس إذ قال هانئ بن عروة:

- «العجب من معاوية، يريد أن يقسرنا على بيعة ابنه يزيد، وحاله حاله [٤] ، وما ذاك بكائن.»


[١] . شنف فلانا، وله: أبغضه، وتنكّره.
[٢] . شفع فلانا في كذا: قبل شفاعته فيه.
[٣] . كسر فلان من طرفه، وعلى طرفه كسرا: غضّ منه شيئا.
[٤] . وحاله حاله: كذا في الأصل، وما في مط: حاله (مرة واحدة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>