للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليدخل [٨٣] إليه من يأتيه، ودعا كثير بن شهاب، فأمره أن يخرج فى من أطاعه من مذحج، فيخذّل الناس عن مسلم بن عقيل، ويخوّفهم عقوبة السلطان، وغائلة أمرهم، وأمر محمد بن الأشعث بمثل ذلك، فى من أطاعه من كندة، أن يرفع راية أمان لمن جاءه من الناس، وقال لمثل هؤلاء من أهل الشرف مثل ذلك.

فخرجوا، وجاءوا بعدّة، فحبسوا، ورجع إليه الرؤساء من ناحية دار الروميّين، فدخلوا القصر، فقال لهم عبيد الله:

- «أشرفوا على القصر فمنّوا أهل الطاعة، وخوّفوا أهل المعصية.» فتكلّم القوم، وقالوا:

- «أيّها الناس! الحقوا بأهاليكم، ولا تعجّلوا الشرّ، ولا تتعرّضوا للقتل، فإنّ أمير المؤمنين، قد بعث جنوده من الشام، وقد أعطى الله الأمير عهدا لئن تمّمتم على حربكم، ولم تنصرفوا من عشيّتكم، أن يحرم ذرّيتكم العطاء، ويفرّق مقاتلتكم فى مغازي الشام على غير طمع، وأن يأخذ البريء بالسقيم، والشاهد بالغائب، حتّى لا يبقى له فيكم بقيّة من أهل المعصية، إلّا أذاقها وبال أمرها.» فأخذ الناس- كما [٨٤] سمعوا هذا وأشباهه من رؤسائهم- يتفرّقون. فكانت المرأة تأتى إلى ابنها، وأخيها، فتقول:

- «انصرف، فإنّ الناس يكفونك.» ويجيء الرجل إلى ابنه، وأخيه، فيقول:

- «غدا يأتيك جنود الشام، فما تصنع بالحرب؟» فينصرف به.

فما زال الناس يتفرّقون، حتّى أمسى مسلم بن عقيل، وما معه إلّا ثلاثون رجلا حين صلّيت المغرب، فصلّى بهم مسلم. فلما رأى أنه قد أمسى وليس معه إلّا أولئك، خرج متوجّها نحو كندة، فما بلغ الأبواب ومعه منهم عشرة. ثمّ خرج من الباب، فإذا ليس معه إنسان، والتفت فإذا هو لا يحسّ أحدا يدلّه على الطريق، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>