للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء الحرّ تائبا

فحرّك الحرّ دابّته، حتّى استأمن إلى الحسين، وقال له:

- «بأبى أنت وأمى، ما ظننت الأمر ينتهى بهؤلاء القوم إلى ما أرى، وظننت أنّهم سيقبلون منك إحدى الخصال التي عرضتها عليهم، فقلت فى نفسي: لا أبالى أن أطيع [١] القوم فى بعض أمورهم، وأمّا الآن فإنّى جئت تائبا ومواسيا لك بنفسي حتّى أموت بين يديك، أترى لى ذلك توبة؟» قال:

- «نعم. يتوب الله عليك ويغفر لك. انزل!» قال:

- «أنا فارسا خير لك منّى راجلا، أقاتلهم على فرسي ساعة، وإلى النزول ما يصير آخر أمرى.» ثمّ بارز، فقتل واحدا بعد آخر.

فلم يزل يبارز الواحد من أصحاب الحسين، فيقتل عدّة من أصحاب عمر بن سعد.

فقام عمرو بن الحجاج رافعا صوته:

- «يا حمقى، أتدرون من تقاتلون؟ [تقاتلون] [٢] فرسان المصر، وقوما مستميتين. والله، لا يبرز لهم منكم أحد إلّا قتل، لا تبرزوا لهم! فإنّهم قليل، وقلّ ما يبقون، وقد جهدهم العطش.» فقال عمر بن سعد:

- «صدقت.» وأرسل فى الناس، فعزم عليهم أن:

- «لا يبارز منكم رجل رجلا منهم.»


[١] . فى الطبري (٧: ٣٣٢) : «أضيع» بدل «أطيع» .
[٢] . ما بين [] تكملة من مط.

<<  <  ج: ص:  >  >>