للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «ادن منّى!» فخرج أحدهما إلى الآخر، فطاوله الحديث، إلى أن دعى الذي أخبر ابن الزبير بالخبر، وكان ديّنا فاضلا، وبينه وبين الحصين صهر، فلما سمع الحصين كلامه، عرف صحة الخبر، فقال لابن الزبير:

- «إن يك هذا الرجل هلك، فأنت أحقّ من أرى بهذا الأمر، هلمّ فلنبايعك، على أن تخرج معى إلى الشام، [١٢٥] فإنّ هذا الجند الذي معى، هم وجوه الناس، وفرسانهم، فو الله، لا يختلف عليك اثنان، وتؤمن الناس، وتهدر هذه الدماء التي كانت بيننا وبينك، والتي كانت بيننا وبين أهل الحرّة.» فأبى ابن الزبير أن يخرج إلى الشام، وكان ذلك من جدّ مروان وإقباله، وإدبار ابن الزبير.

وكان من ردّ ابن الزبير على الحصين أن قال:

- «أنا أهدر تلك الدماء، حتّى أقتل بكل رجل عشرة.» فأخذ الحصين يكلّمه سرّا، وهو يجيبه جهرا.

فقال الحصين بن نمير:

- «قبّح الله من يعدّك [١] بعد هذا داهيا، أو أريبا [٢] . قد كنت أظنّ أنّ لك رأيا، ألا، أرانى أكلّمك سرّا وتكلّمنى جهرا، وأدعوك إلى الخلافة، وتوعدني بالقتل، وأبذل لك طاعة فى من معى، وتهدّدهم بالهلاك.» ثمّ خرج من عنده، وصاح فى الناس بالرحيل، وخرج إلى المدينة. وقدم ابن الزبير، فأرسل إليه:

- «أما خروجي إلى الشام، فلا يمكن، فإنّى أتبرّك بالبيت، ولكن بايعوا لى


[١] . يعدّك: كذا فى الأصل. وما فى مط: يعذل. وهو خطأ.
[٢] . أريبا: كذا فى الأصل. وما فى مط: أوريبا! وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>