للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «هذا رجل حسن الهيئة يستأذن عليك، ويزعم أنه المسيّب بن نجبة.» فقال زفر بن الحارث:

- «هذا فارس مضر، وهو بعد رجل ناسك له دين، فأذنوا له.» وجاء، فأجلسه إلى جانبه، وسائله، وألطفه فى المسألة.

ثمّ خاطبه المسيّب، وقال:

- «ممّ تحصّن، إنه والله، ما إياكم نريد، وما قصدنا إلّا هؤلاء الظلمة المحلّين، فأخرج لنا سوقا، فإنّا لا نقيم بساحتك إلّا يوما أو بعض يوم.» فقال له زفر بن الحارث:

- «إنّا لم نغلق أبواب المدينة إلّا لنعلم: إيّانا اعتريتم، أم غيرنا. وما نعجز عن الناس ما لم تدهمنا حيلة، وما نحبّ [١٥٥] أنّا بلينا بقتالكم، وقد بلغنا عنكم صلاح وسيرة حسنة جميلة.» ثمّ دعا ابنه، وأمر أن يضع لهم سوقا جامعة، وأمر للمسيّب بفرس وألف درهم.

فقال المسيّب:

- «أمّا المال، فلا حاجة لى فيه، ولا له خرجنا، وأما الفرس، فإنّى أقبله، فلعلّى أحتاج إليه إن غمز [١] فرسي تحتي.» وخرج حتّى أتى أصحابه، وأخرجت لهم السوق، وبعث إلى المسيّب بعشرين جزورا، وإلى سليمان بن صرد مثل ذلك. وكان سأل عن وجوه العسكر، فأخرج إلى كلّ واحد منهم بعشر جزائر وعلف كثير، وطعام واسع، وأخرج إلى العسكر عيرا عظيمة، وشعيرا كثيرا.

وقال غلمان زفر للناس:

- «هذه عير، فاجتزروا منها ما أحببتم، وهذا شعير، فاحتملوا ما أردتم، وهذا


[١] . فى مط: عمر. وهو خطأ. فى الطبري (٥: ٥٥٢) إن ظلع فرسي أو غمز. غمزت الدابة: ظلعت، أى مالت من رجلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>