للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستراحوا فأراحوا خيلهم، ثمّ خطبهم سليمان، فأطال خطبته، وذكر الدنيا، فزهّد فيها، والآخرة فرغّب فيها، ثمّ قال:

- «أمّا بعد، فقد أتاكم الله بعدوّكم الذي دأبتم له فى السير آناء الليل والنهار، تريدون فى ما تظهرون التوبة النصوح، ولقاء الله معذرين. فقد جاءوكم، بل أنتم جئتموهم فى دارهم وحيّزهم [١] ، فإذا لقيتموهم، فاصدقوهم، واصبروا، ولا يولّينّهم أحد دبره إلّا متحرّفا لقتال، أو متحيزا إلى فئة، ولا تقتلوا مدبرا، ولا تجهزوا على جريح، ولا تقتلوا أسيرا إلّا أن يكون من قتلة إخواننا بالطّفّ، فإنّ هذه كانت سيرة أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب فى أهل هذه الدعوة.» ثمّ قال سليمان:

- «إن قتلت، فأمير الناس المسيّب بن نجبة، فإن أصيب، فأمير الناس عبد الله بن سعد بن نفيل، فإنّ أصيب، فأمير الناس عبد الله بن وال، فإن أصيب، فأميرهم رفاعة بن شدّاد. [٢] ثمّ بعث المسيّب بن نجبة فى أربعمائة فارس، وقال له:

- «سر حتّى تلقى أول عسكر من عساكرهم، فشنّ فيهم الغارة، فإن رأيت ما تحبّ، وإلّا فانصرف إلىّ، وإيّاك أن تنزل، أو ينزل أحد من [١٦٠] أصحابك.» فمضى المسيّب، حتّى لقى رجلا أعرابيا يسوق أحمرة. فقال:

- «علىّ بالرجل.» فأتى به، فقال:

- «كم بيننا وبين أدنى هؤلاء القوم؟» قال:

- «أدنى عسكرهم إليك عسكر ابن ذى الكلاع، وبينه وبين الحصين بن نمير


[١] . كذا فى الأصل والطبري: وحيّزهم. وفى مط: خيرهم.
[٢] . أنظر الطبري (٧: ٥٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>