للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبنائكم وحلائلكم ودنياكم، وإن اشتدّ لذلك جزعكم. ألا، فبيعوا أنفسكم طائعين وأموالكم، تدخلوا الجنّة.» وأشباه ذلك من الكلام. وكان فى من يحضره من أهل الكوفة سويد والبطين.

فقال يوما لأصحابه:

- «ما تنتظرون؟ ما يزداد أئمّة الجور إلّا عتوّا وعلوّا وتباعدا من الحقّ، وجرأة على الربّ، فراسلوا إخوانكم حتّى يأتوكم وننظر ما نحن صانعون وأىّ وقت إن خرجنا [٣٢٢] نحن خارجون.» فبينا هو كذلك، إذ أتاه المحلّل [١] بن وائل بكتاب شبيب وقد كتب إلى صالح:

- «أما بعد، فقد كنت دعوتني إلى أمر استجبت له، فإن كان ذلك، فإنّك شيخ المسلمين، ولم نعدل بك منّا أحدا، وإن أردت تأخير ذلك، أعلمتنى، فإنّ الآجال غادية ورائحة، ولا آمن أن تخترمنى المنيّة ولمّا أجاهد الظالمين. جعلنا الله وإيّاك ممّن يريد الله بعمله، والسلام عليك.» فأجابه صالح بجواب جميل يقول فيه:

- «إنّه لم يمنعني من الخروج مع ما أنا فيه من الاستعداد إلّا انتظارك، فاقدم علينا ثمّ اخرج بنا، فإنّك ممن لا تقصّى الأمور دونه، والسلام.» فلما ورد كتابه على شبيب دعا نفرا من أصحابه فجمعهم إليه، منهم: أخوه مصاد بن يزيد والمحلّل بن وائل، والصفر بن حاتم، وإبراهيم بن حجر، وجماعة مثلهم. ثمّ خرج حتّى قدم على صالح بن مسرّح، وهو بدارا من أرض الموصل.

فبثّ صالح رسله، وواعدهم الخروج فى هلال صفر ليلة الأربعاء سنة ست وسبعين. فاجتمع بعضهم إلى بعض، واجتمعوا عنده فى تلك الليلة.

فتحدّث فروة بن لقيط قال: إنّى لمعهم تلك الليلة وكان رأى استعراض الناس


[١] . المحلل: ضبط هذا الإسم مضطرب فى الأصل، فتارة بالحاء المهملة وأخرى بالجيم المعجمة. فأثبتناه بالحاء المهملة كما فى الطبري ومط.

<<  <  ج: ص:  >  >>