للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقام إليه زهرة [٣٦٥] بن حويّة. وهو يومئذ شيخ كبير، لا يستتمّ قائما حتّى يؤخذ بيده، فقال:

- «أصلح الله الأمير. إنّك إنما تبعث الناس متقطّعين، فاستنفر الناس إليهم كافّة، وابعث عليهم رجلا متينا شجاعا، محربا مجرّبا ممن يرى الفرار هضما وعارا، والصبر مجدا وكرما. ٢ فقال له الحجّاج:

- «فأنت ذاك. فاخرج!» فقال له:

- «أصلح الله الأمير. إنما يصلح الناس فى هذا رجل يحمل الرمح والدرع، ويهزّ السيف ويثبت على متن الفرس، وأنا لا أطيق من هذا شيئا. قد ضعفت وضعف بصرى، ولكن أجرى [١] فى الناس مع أمير، فإنّى أثبت على الرحالة، فأكون مع الأمير فى عسكره وأشير عليه برأى.» فقال له الحجّاج:

- «جزاك الله عن الإسلام والطاعة فى أوّل الإسلام وآخره خيرا. فقد نصحت وصدقت. أنا مخرج الناس كافّة، ألا، فسيروا أيها الناس.» فانصرف الناس وجعلوا يتيسّرون [٢] ولا يدرون من أميرهم.

ذكر رأى سديد للحجّاج

وكتب الحجّاج إلى عبد الملك بن مروان:

- «أما بعد، فإنّى أخبر أمير المؤمنين، أكرمه الله، [٣٦٦] أنّ شبيبا قد شارف المدائن، وإنّما يريد الكوفة، وقد عجز أهل الكوفة عن قتاله فى مواطن كثيرة، فى كلّها تقتل أمراؤهم وتفلّ جنودهم. فإن رأى أمير المؤمنين أن يبعث إلىّ أهل الشام


[١] . أجرى: كذا فى الأصل. وما فى مط: أخرنى.
[٢] . كذا فى الأصل: يتيسّرون. وفى مط: يسيرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>