للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجسر، نزل ونزل معه نحو من مائة رجل، فقاتلناهم إلى المساء أشدّ قتال يكون لقوم قطّ. فما هو إلّا أن نزلوا أوقعوا لنا من الطعن والضرب شيئا ما رأينا مثله قطّ، ولا ظننّاه يكون. فلما رأى سفيان أنه لا يقدر عليهم ولم يأمن ظفرهم، دعا الرماة فقال:

- «ارشقوهم بالنبل.» وذلك عند المساء. وكان التقاؤهم نصف النهار، فرماهم أصحاب النبل، وقد كان صفّهم سفيان بن الأبرد على حدة وعليهم أمير. فلما رشقوهم شدّوا عليهم.

فلما شدّوا على رماتنا شددنا عليهم فشغلناهم عنهم. فلما رأوا ذلك ركب شبيب وأصحابه، ثمّ كرّوا على أصحاب النبل كرّة صرعوا [٣٨٩] منهم أكثر من ثلاثين رجلا. ثمّ عطف علينا يطاعننا حتّى اختلط الظلام. ثمّ انصرف عنّا.

فقال سفيان بن الأبرد لأصحابه:

- «أيها الناس، دعوهم، لا تتبعوهم حتّى نصبّحهم.» قال: فكففنا عنهم وليس شيء أحبّ إلينا من أن ينصرفوا عنّا.

قال فروة بن لقيط: فما هو إلّا أن انتهينا إلى الجسر، فقال:

- «اعبروا معاشر المسلمين، فإذا أصبحوا باكرناهم إن شاء الله.» فعبرنا أمامه وتخلّف فى آخرنا، فأقبل [على] [١] فرس وكانت بين يديه فرس أنثى ماذيانة، فنزا فرسه عليها وهو على الجسر، فاضطربت الماذيانة، وزلّ حافر فرس شبيب عن حرف [٢] السفينة، فسقط فى الماء. فلما سقط قال:

- «لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كانَ مَفْعُولًا.» ٨: ٤٢ [٣] واغتمس فى الماء. ثمّ ارتفع فقال:


[١] . على: كذا فى مط والطبري (٨: ٩٧٤) . وما فى الأصل: فى. فصحّحناه.
[٢] . حرف: كذا فى الأصل والطبري. وما فى مط: جوف.
[٣] . س ٨ الأنفال: ٤٢، ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>