للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهدم قلاعا وحصونا، وغلب على أرض من أرضيهم كثيرة. وأصحاب رتبيل من الترك. فلما أمعنوا فى بلادهم ودنوا من مدينتهم وصاروا منها على ثمانية عشر فرسخا أخذوا على المسلمين بالعقاب والشعاب، فسقط فى أيدى المسلمين، وظنّوا أن قد هلكوا.

فراسل ابن أبى بكرة رتبيل على أن يصالحه على سبعمائة ألف. فلقيه [٤٠٦] شريح فقال له:

- «إنّك لا تصالح على شيء إلّا حبسه السلطان عنكم واحتسبه فى أعطياتكم.» فقال الناس:

- «لو منعنا العطاء ما حيينا، كان أهون علينا من هلاكنا.» فقال له شريح:

- «والله لقد بلغت سنّا وقد هلكت لداتي [١] ، وما يأتى علىّ ساعة فأظنّها تمضى حتّى أموت، ولئن فاتتنى الشهادة وأنا أطلبها منذ زمان ما أخالنى أدركها.

يا أهل الإسلام، تعاونوا على عدوّكم.» فقال له ابن أبى بكرة:

- «إنّك شيخ وقد خرفت.» فقال له شريح:

- «إنّما حسبك أن يقال: بستان أبى بكرة، وحمّام أبى بكرة. يا أهل الإسلام من أراد الشهادة فإلىّ.» فاتّبعه ناس من المتطوّعين كثير وفرسان البأس وأهل الحفاظ، فقاتلوا حتّى أصيبوا. وقتل شريح ونجا ابن بكرة فى من نجا من المسلمين.

وبلغ ذلك الحجّاج، فأخذه ما تقدّم وتأخّر وبلغ منه كلّ مبلغ، فكتب إلى


[١] . كذا فى الأصل. وما فى مط: لذاتي. وفى الطبري (٨: ١٠٣٧) : لذّاتى. لداتي: أترابى. أى الذين ولدوا معى. ولكلا الضبطين وجه من الصحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>