للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «أما بعد، فإنّ كتابك أتانى وفهمته وهو كتاب امرئ يحبّ الهدنة ويستريح إلى الموادعة. قد صانع عدوّا ذليلا أصابوا من المسلمين جندا كان بلاؤهم حسنا وغناؤهم عظيما، ولعمرك يا بن أمّ عبد الرحمان، إنّك حيث تكفّ عن ذلك العدوّ بجندي وحدّى، لسخىّ النفس عمّن أصيب من المسلمين، وإنّى لم أعذر رأيك الذي زعمت أنّك رأيته رأى مكيدة، ولكنّى رأيتك أنّه لم يحملك عليه إلّا ضعفك والتياث [١] رأيك. فامض لما أمرتك به من الوغول فى أرضهم والهدم لحصونهم، وقتل مقاتليهم، وسبى ذراريّهم.» ثمّ أردفه كتابا آخر قال فيه: [٤١٠]- «أمّا بعد، فأمر من قبلك من المسلمين فليحرثوا [٢] وليقيموا، فإنّها دارهم، حتّى يفتح الله عليهم.» ثمّ أردفه كتابا آخر فيه:

- «أمّا بعد، فامض لما أمرتك من الوغول فى أرضهم، وإلّا فإنّ إسحاق بن محمد أمير الناس، فخلّه وما ولّيته.» - يعنى أخاه.

فلما قرأ كتابه، قال:

- «أنا أحمل ثقل إسحاق.» ثمّ دعا الناس وجمعهم فحمد الله وأثنى عليه وقال:

- «أيها الناس، قد عرفتم نصحى لكم ومحبتي لصلاحكم ولكلّ ما يعود عليكم نفعه. وقد كان من رأيى لكم فى ما بينكم وبين عدوّكم، رأى استشرت فيه ذوى أحلامكم وأولى التجربة فى الحرب منكم، فرضوه لكم رأيا، ورأوه لكم فى العاجل والآجل صلاحا، فكتبت بذلك إلى أميركم الحجّاج وهذا جوابه، يعجّزنى ويضعّفنى ويأمرنى بتعجيل الوغول بكم فى أرض العدوّ، وهي البلاد التي هلك


[١] . التياث: كذا فى الأصل والطبري ٨: ١٠٥٣. وما فى مط: السيات. وهو خطأ.
[٢] . فليحرثوا: فى الأصل غموض وفى مط إهمال كامل وما أثبتناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>