للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجّاج الهزيمة وهو يخطب. صعد إليه رجل فأخبره بهزيمة الناس، فقال:

- «أيها الناس، ارتحلوا إلى البصرة، إلى معسكر ومعقل وطعام ومادّة، فإنّ هذا المكان الذي نحن فيه لا يحتمل الجند.» ثمّ انصرف راجعا وتبعه خيول أهل العراق. فكلّ من أدركوه قتلوه وكلّ ما أصابوا من ثقل حووه. ومضى الحجّاج لا يلوى على شيء حتّى نزل الراوية، وبعث إلى طعام التجار بالكلّاء [١] ، فأخذه وحمله إليه، وخلّى البصرة لأهل العراق، وكان عامله عليها الحكم [٢] بن أيّوب بن الحكم بن عقيل الثقفي. وجاء أهل العراق حتّى دخلوا البصرة. وكان الحجّاج حين صدم تلك الصدمة وأقبل راجعا، دعا بكتاب [٤١٥] المهلّب وقرأه وقال:

- «لله أبوه، أىّ صاحب حرب هو! لقد أشار علينا بالرأى وكلّنا لم نقبل.» وكان مع الحجّاج يوم انهزم من المال مائة وخمسون ألف ألف [٠٠٠، ٠٠٠، ١٥٠] ففرّقها فى قوّاده، وضمّنهم إياها. ولمّا بلغ أهل البصرة هزيمة الحجّاج أراد عبد الله بن عامر بن مسمع أن يقطع الجسر فرشاه الحكم بن أيوب مائة ألف درهم. فكفّ عنه. ودخل الحجّاج البصرة، فأرسل إلى ابن عامر، فانتزع المائة الألف منه.

ولمّا دخل البصرة عبد الرحمان بن محمد بن الأشعث بايعه أهلها، كلّهم قرّاؤها وكهولها، على خلع الحجّاج، وخلع عبد الملك جميع أهلها من القرّاء والشيوخ.

وخندق الحجّاج عليه وخندق عبد الرحمان على البصرة، واقتتلوا فى المحرم سنة اثنتين وثمانين. فكانت خيل العراق تهزم أبدا خيل الشام حتّى إذا كان فى آخر المحرّم هزم أهل العراق على عادتهم أهل الشام فنكصت ميمنتهم


[١] . الكلّاء: اسم محلّة مشهورة وسوق بالبصرة أيضا سمّيت بذلك (معجم البلدان) . أنظر الطبري (٨:
١٠٦١) .
[٢] . الحكم (فى كلا الموضعين) : كذا فى مط والطبري. ما فى الأصل: الحلم (باللّام) .

<<  <  ج: ص:  >  >>