للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «الرأى أن تتبعه ولا تنفّس عنه.» فقال:

- « [قد] تعبنا ولحقنا نصب.» فرجع إلى عسكره، وألقى أصحابه السلاح وباتوا آمنين، فى أنفسهم لهم الظفر، وهجم القوم عليهم نصف الليل يصيحون بشعارهم. فجعل الرجل من أصحاب ابن الأشعث لا يدرى أين يتوجّه، دجيل من يساره وجدلة أمامه ولها جرف منكر.

فكان من غرق أكثر ممن قتل. وسمع الحجّاج الصوت، فعبر السيب، وكان قد قطعه إلى عسكره، ثمّ وجّه خيله إلى القوم، فالتقى العسكران على ابن الأشعث، فانهزم فى ثلاثمائة. فمضى على شاطئ دجلة حتّى أتى دجيلا، فعبره فى السفن وعقروا دوابّهم، وانحدر فى السفن إلى البصرة. فدخل الحجّاج عسكره وقتل من وجد، حتّى قتل أربعة آلاف، فيهم بسطام بن مصقلة وجماعة من أهل الشرف والصبر.

وخرج ابن الأشعث بمن معه من الفلّ منهزمين نحو سجستان فلمّا [٤٣٣] دخل كرمان تلقّاه عمرو بن لقيط وكان عامله عليها. فسأله نزلا، ونزل.

فقال له شيخ من عبد القيس يقال له معقل:

- «والله، لقد بلغنا عنك يا بن الأشعث أنّك جبان فى مواطنك.» فقال عبد الرحمان:

- «ما جبنت، والله لقد دلفت إلى الرجال بالرجال، ولففت الخيل بالخيل، ولقد قاتلت وقاتلت راجلا، فما انهزمت، ولا تركت العرصة للقوم فى موطن حتّى لا أجد مقاتلا، ولا أرى معى مقاتلا، ولكنّى زاولت ملكا مؤجّلا.» ثمّ مضى ابن الأشعث بمن معه حتّى فوّز فى مفازة كرمان وخيل الشام تتبعه، ثمّ مضى حتّى خرج إلى زرنج [١] مدينة سجستان، وفيها رجل من بنى تميم كان


[١] . زرنج: مدينة هي قصبة سجستان، وسجستان اسم الكورة كلّها (معجم البلدان) . اسم قديم لمدينة كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>