للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «إنّ قتيبة يريد السغد وليس بغازيكم، فهلمّوا نتنعّم فى ربيعنا.» فأقبلوا على الشرب والتنعّم وأمنوا عند أنفسهم الغزو، فلم يشعروا حتّى نزل قتيبة فى هزار دشت [١] ، فقال خوارزم شاه لأصحابه:

- «ما ترون؟» فقالوا:

- «نرى أن نقاتله.» قال:

- «لكنّى لا أرى ذلك، لأنّه عجز عنه من هو أقوى منّا وأشدّ شوكة، ولكنّا نؤدّى إليه شيئا نصرفه به عامنا [٤٩٠] ونرى رأينا.» قالوا:

- «فرأينا رأيك.» فأقبل خوارزم شاه حتّى نزل فى مدينة الفيل من وراء النهر ومدائن خوارزم ثلاث يطيف بها فارقين واحد [٢] ، فمدينة الفيل أحصنهنّ، وقتيبة فى هزار دشت بينهما نهر بلخ، فلم يعبر، فصالحه على عشرة آلاف رأس وعين ومتاع على أن يعينه على ملك خام جرد [٣] وأن يفي له بما كتب إليه. فقبل منه قتيبة ووفى له، وبعث أخاه إلى ملك خام جرد، وكان يعادى خوارزم شاه، فقاتله فقتله عبد الرحمان وغلبه على أرضه، وقدم منهم على قتيبة بأربعة آلاف أسير. فلمّا جاء بهم عبد الرحمان أمر قتيبة بسريره، فأخرج فقتل الأسرى بين يديه.

فحكى المهلّب بن إياس أنّه أخذت سيوف الأشراف يضرب بها الأعناق فكان فيها ما لا يقطع ولا يجرح. فأخذ سيفي فلم يضرب به شيء إلّا أبانه. فحسدنى بعض آل قتيبة، فغمز الذي يضرب به أن اصفح بالسيف، فصفح به قليلا، فوقع فى


[١] . هزار دشت: كذا فى الأصل ومط. وما فى الطبري (٨: ١٢٣٨) : هزار سپ. وفى حواشيه عن الأصول:
هزاست. وفى ابن الأثير (٤: ٥٧٠) : هزار أسب.
[٢] . كذا فى الأصل والطبري (٨: ١٢٣٨) أيضا. والعبارة: «ومدائن خوارزم» ، «فارقين واحد» فى ابن الأثير (٤: ٥٧٠) .
[٣] . خام جرد: فى الأصل: حام حرد (بالإهمال) . والمثبت من الطبري، ويؤيده ابن الأثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>