للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَرِيّة أبي بَكْر إلى نجد

وكانت بعد خيبر سنة سبعٍ.

وَقَالَ عِكْرَمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى بَنِي فِزَارَةَ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ عَرَّسَ بِنَا أَبُو بَكْرٍ، حَتَّى إِذَا مَا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ، أَمَرَنَا فَشَنَنَّا الْغَارَةَ، فَوَرَدْنَا الْمَاءَ. فَقَتَلَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ قَتَلَ، وَنَحْنُ مَعَهُ، فَرَأَيْتُ عُنُقًا [١] مِنَ النَّاسِ فِيهِمْ الذَّرَارِيُّ. فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ، فَأَدْرَكْتُهُمْ، فَرَمَيْتُ بِسَهْمِي. فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا، فَإِذَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا قَشْعٌ [٢] مِنْ أَدَمٍ، مَعَهَا ابْنَتُهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ فَجِئْتُ أَسُوقُهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا، فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ بَاتَتْ عِنْدِي فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا. حَتَّى لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ فَقَالَ: «يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِيَ الْمَرْأَةَ» . قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا.

فَسَكَتَ حَتَّى كَانَ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: «يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِيَ المرأة للَّه أبوك» .

قُلْتُ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَبَعَثَ بها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَفَدَى بِهَا أَسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [٣] .

وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ.

سرِيّة عُمَر إلى عَجُزِ هَوَازِن

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عن أبي بكر بن عمر بن


[١] أي جماعة.
[٢] القشع: النطع.
[٣] صحيح مسلم (١٧٥٥) كتاب الجهاد والسير، باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى، وأحمد في مسندة ٤/ ٤٦، وابن سعد في الطبقات الكبرى ٢/ ١١٨، وابن كثير في البداية والنهاية ٤/ ٢٢٠، و ٢٢١ وابن سيد الناس في عيون الأثر ٢/ ١٤٦.