للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء الخبر إلى بغداد، فعظُم ذلك على المكتفي والمسلمين، ووقع النَّوْح والبُكاء، وانتُدِب جيشٌ لقتالهم، فساروا، وسار زَكْرَوَيْه- لعنه الله- إلى زُبَالة [١] فنزلها، وكانت قد تأخرّت القافلة الثّالثة، وهي معظم الحجّاج، فسار زَكْرَوَيْه ينتظرها، وكان في القافلة أعيان أصحاب السّلطان، ومعهم الخزائن والأموال، وشَمْسَة [٢] الخليفة، فوصلوا إلى فَيْد [٣] ، وبلغهم الخبر، فأقاموا ينتظرون عسكر السّلطان، فلم يَرِدْ إليهم أحد، فساروا، فوافاهم الملعون بالهَبِير [٤] ، وقاتلهم يومًا إلى الليل، ثم عاودهم الحرب في اليوم الثّاني، فعِطشُوا واستسلموا، فوضع فيهم السّيف، فلم يُفْلِت منهم إلا اليسير، وأخذ الحريم والأموال [٥] .

[[الحرب بين وصيف والقرمطي]]

فندب المكتفي لقتاله وَصيف بن صُوارتكين ومعه الجيوش، فكتب إلى بني شيبان أن يُوَافوه، فجاءوا في ألفَيْن ومائتي فارس، فلقيه وصيفُ يوم السَّبت رابع ربيع الأوّل، فاقتتلوا حتّى حجز بينهم اللّيل، وأصبحوا على القتال، فنصر الله تعالى وصيفًا، وقتل عامّة أصحاب زَكْرَوَيْه، الرّجال والنّساء، وخلّصوا النّساء والأموال وخلُص بعضُ الْجُنْد إلى زَكْرَوَيْه فضربه، وهو مُوَلّي، على قفاه.

ثمّ أسروه، وأسروا خليفته وخواصُه وأقرباءه، وابنه، وكاتبه، وامرأته. وعاش زَكْرَوَيْه خمسة أيّام، ومات في الضّرْبة. فشقُّوا بطنه، وحمل إلى بغداد، فَقُتِل الأسارى وأحرقوا [٦] .


[ () ] «ألفي ألف دينار» .
[١] زبالة: بضم أوله. منزل معروف بطريق مكة من الكوفة، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية. (معجم البلدان ٣/ ١٢٩) .
[٢] هكذا في الأصل، وتاريخ الطبري. وفي: التنبيه والإشراف ٣٢٥ «الشمسيّة» .
[٣] فيد: بالفتح ثم السكون. بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة. (معجم البلدان ٤/ ٢٨٢) .
[٤] الهبير: بفتح أوله وكسر ثانيه، رمل زرود في طريق مكة. (معجم البلدان ٥/ ٣٩٢) .
[٥] قال المسعودي: وكان عدّة من قتل في هذه القافلة الأخيرة أكثر من خمسين ألفا. (التنبيه والإشراف ٣٢٦) .
[٦] انظر تفاصيل هذا الخبر في:
تاريخ الطبري ١٠/ ١٣٠- ١٣٤، والتنبيه والإشراف للمسعوديّ ٣٢٥، ٣٢٦، وتاريخ أخبار القرامطة ٢٨- ٣٦، وهو باختصار في: العيون والحدائق ج ٤ ق ١/ ١٩٤، وبالتفصيل،