للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المجلد الثالث (عهد الخلفاء الراشدين) ]

[سنة احدى عشرة]

خِلَافَةُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ وَأَرْضَاهُ

قَالَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنُحِ [١] ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ، وَلَيَبْعَثنُهُ اللَّهُ فَيَقْطَعُ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَقَالَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٩: ٣٠ [٢] . وَقَالَ وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ٣: ١٤٤ [٣] . الْآيَةَ، فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ [٤] ، فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ


[١] السّنح: بضمّ أوّله وثانيه: منازل بني الحارث بن الخزرج بالمدينة، بينها وبين مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ميل. وضبطه في التاج بسكون النون وضمّها أيضا. (معجم ما استعجم ٣/ ٧٦) .
[٢] سورة الزمر، الآية ٣٠.
[٣] سورة آل عمران، الآية ١٤٤.
[٤] هي بالقرب من دار سعد بن عبادة زعيم الأنصار.