للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومضي أبو القاسم إلى مكّة، واجتمع بأميرها وأطمعَه في الإمامة، وسهَّل عَليْهِ الأمور وبايعه، وجوّز أخذ مال الكْعبة وضرِبِه دراهم، وأخذَ أموالًا من رَجُل يُعرف بالمطّوعيّ، عنده ودائع كثيرة للنّاس. واتّفق موت المطّوعيّ، فاستولى عَلَى الأموال، وتلقَّب بالراشد باللَّه. واستخلف نائبًا عَلَى مكّة، وسار إلى الشّام، فتلقّاه المفرّج وابنهُ وأمراء العرب، وسلّموا عَليْهِ بإمرة المؤمنين. وكان متقلّدًا سيفًا زعم أَنَّهُ ذو الفِقار، وكان في يده قضيب زعم أَنَّهُ قضيب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحوله جماعة من العلوييّن، وفي خدمته ألف عَبْد. فنزل الرّملة، وأقام العدل، واستفحل أمره، فراسلَ الحاكمُ ابن جرّاح، وبعث إِليْهِ أموالًا استماله بها.

وأحسَّ الراشد باللَّه بذلك، فقال لابن المغربي: غَرَرْتني وأَوْقَعْتني في أيدي العرب، وأنا راضٍ من الغنيمة بالإياب والأمان. ورَكب إلى المفرّج بْن جرّاح وقال: قد فارقتُ نعمتي، وكشفتُ القناع في عداوة الحاكم سُكونًا إلى ذِمامك، وثقه بقولك، واعتمادًا عَلَى عهودك، وأرى ولدكَ حسّانًا قد أصلح أمره مَعَ الحاكم، وأريدُ العَوْد إلى مأمني.

فسيَّره المفرَج إلى وادي القُري، وسيَّر أبا القاسم المغربي إلى العراق.

فقصدَ أبو القاسم فخر الملك أبا عليّ، فتوهَموا فيه أنّه يفسد الدّولة العبّاسيّة، فتسحّب إلى الموْصِل ونفقَ عَلَى قرواش، ثمّ عاد إلى بغداد [١] .

[[أمراء دمشق]]

وفي جُمَادى الأولى عُزِل أبو المطاع بْن حمدان عَنْ إمرة دمشق، وأُعيد إليها بدر العطّار. ثمّ صُرِف بعد أيّام بالقائد بْن بزال، فوليها نحوا من أربعة أعوام [٢] .


[١] تاريخ الأنطاكي ٢٩١، ٢٩٢، تاريخ حلب للعظيميّ ٣٢١ (حوادث سنة ٤٠٣ هـ.) ، أخبار الدول المنقطعة ٤٩، المنتظم ٧/ ١٦٤، عيون الأخبار وفنون الآثار (السبع السادس) ٢٧٣- ٢٧٥، وفيات الأعيان ٢/ ١٧٤، البيان المغرب ١/ ٢٥٩، ٢٦٠، مآثر الإنافة ١/ ٣٢٦، ٣٢٧، اتعاظ الحنفا ٢/ ٩٥، وانظر: خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام لأحمد زيني دحلان، المطبعة الخيرية بمصر ١٣٠٥ هـ. - ص ١٧.
[٢] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ٦٩، أمراء دمشق ٣٣ رقم ١٠٧ و ٧٦ رقم ٢٣٤ وفيه اسمه:
«محمد بن بزال» .