للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسَمَرْقَنْد وأزال الدّولة السّامانيّة، وتوطَّد مُلْكه. وكان قصد بلخ ليأخذها، فعجز عَنْ حرب ابن سُبُكْتكين، ووقع بينه وبين أخيه. فلمّا مات في هذه السنّة استولى أخوه طُغان عَلَى ما وراء النهر، واتّسعت ممالكه. فقصده ملك الصّين في مائة ألف خِرْكاه، فجمع طُغان وحشد، وتزلزل المسلمون، واشتدّ الخطب، ونفرَ للجهاد خَلْقٌ من المطَّوعة حتّى اجتمع لطُغان نحوٌ من مائة ألف مقاتل، وكثُر الابتهال والتّضرُّع إلى الله تعالى، والْتقى الْجَمْعان، والتطم البحران، وصبر الفريقان، ودامت الحرب أيّامًا عَلَى مَلاحم لم يُدْرّ مِن فَتْق العُروق، وضَرْب الحُلُوق، واصْطدام الخيول، أصوت أنْواء، أم صَب دِماء، ولَمْع بُرُوق، أو وقع سُيوف، وظُلْمة ليل، أمْ نَقْع خيْل. فيا لها ملحمة من ملاحم الإسلام لم يُعهد مثلها في هذه الأعوام، وفي كلّ ذَلِكَ يتولّى الله بِنَصْرِهِ، حتى وثقَ المؤمنون بالتّأييد، وتلاقوا ليومٍ عَلَى فَيْصل الحرب. وثبتوا، ولذّ لهم الموتُ، حتّى قَالَ أبو النّصر محمد بْن عَبْد الجبّار في تاريخه: فغادروا من جماهير الكُفّار قريبًا من مائة ألف عنان صَرْعى عَلَى وجه البسيطة، عَنْ نفوس موقوذة، ورءوس منْبوذة، وأيْدٍ عَنِ السّواعد مجزوزة، بدعوة جفلاء للسّباع والطُّيور. وأفاءَ الله عَلَى المسلمين مائة ألف غلام كالبدور، وجواري كالحُور، وخيل ملأت الفضاء، وضاقت بها الغَبْراء. فعمَّ السُّرور، وزّينت المدائن والثُّغور.

ولم ينشب طُغانُ بعد أن رجع من هذه الوقعة الميمونة أن تَوَّفاه الله سعيدًا شهيدًا، وتملّك بعده أخوه، فزوَّج السّلطان محمود ابنه بكريمة هذا الملك، وعمل عُرسَه عليها وزُيّنت بلْخ.

- حرف الباء-

٩٧- بهاء الدّولة [١] .


[١] انظر عن (بهاء الدولة) في:
ذيل تجارب الأمم للروذراوري ١٥٣، والمنتظم ٧/ ٢٦٤، وذيل تاريخ دمشق ٣١، والكامل في التاريخ ٩/ ٤١، ٤٥- ٤٨، ٥٠، ٦١- ٦٦، ٦٩، ٧٥- ٨٥، ٩١- ٩٧، ١٠٠- ١٠٥، ١١٢- ١١٥، ١٢٣- ١٢٨، ١٣٣، ١٣٦، ١٣٧، ١٤١، ١٤٣، ١٥٠، ١٥١، ١٦٠، ١٦٢، ١٧٠، ١٧٤، ١٧٨، ١٨١- ١٨٤، ١٨٩، ١٩٣- ١٩٦ وانظر فهرس الأعلام ١٣/ ٦٠، والإنباء في تاريخ الخلفاء ١٨١، ١٨٢، ١٨٣، ١٨٤، والفخري ٢٩١، ومختصر التاريخ لابن