للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة اثنتي عشرة وأربعمائة]

[اعتراض العرب البدو لقافلة الحجّاج]

لم يحجّ العراقّيون في العامين الماضيَيْن، وقصد طائفة يمين الدّولة محمود بْن سُبُكْتكين وقالوا: أنت سلطان الإسلام، وأعظم ملوك الأرض، وفي كلّ سنة تفتتح مِن بلاد الكُفْر ناحيةً، والثّواب في فتح طريق الحجّ أعظم. وقد كان بدر بْن حَسْنَوَيْه، وما في أمرائك إلا مِن هُوَ أكبر منه، يسير الحاجّ بماله وتدبيره عشرين سنة. فانظر للَّه واهتمّ بهذا الأمر.

فتقدَّم إلى قاضيه أَبِي محمد النّاصحيّ بالتّأهُّب للحجّ، ونادى في أعمال خراسان بالتّأهّب للحجّ. وأطلق للعرب في البادية ثلاثين ألف دينار سلّمها إلى النّاصحيّ، غير مال الصّدقات [١] .

فحجّ بالنّاس أبو الحَسَن الأقساسيّ، فلمّا بلغوا فَيْد حاصرتهم العرب، فبذل لهم النّاصحيّ خمسة آلاف دينار، فلم يقنعوا وصمّموا عَلَى أخذ الرَّكْب.

وكان رأسهم جمّاز بْن عُديّ [٢] قد انضم إِليْهِ ألفا رجلٍ [٣] مِن بني نَبهان، وكان جبّارًا. فركب فرسه وعليه درع وبيده رمح. وجال جولة يُرْهبُ بها.

وكان في السَّمَرْقَنْديّين غلام يُعرف بابن عفّان، فرماه بنَبْلة وقعت في قلبه


[١] يورد «المقريزي» هذا الخبر حتى هنا، ويضيف عليه فقط: «فساروا وحجّوا، وعادوا سالمين» .
ويفهم من سياق الخبر الّذي يليه أنه الحج كان سنة ٤١٣ هـ. مع أنه يورده ضمن حوادث سنة ٤١٥ هـ. انظر: اتّعاظ الحنفا ٢/ ١٣٧.
[٢] ضبطه ابن الجوزي بضم العين. (المنتظم ٨/ ٢) وفي: الكامل في التاريخ ٩/ ٣٢٥ «حمار بن عديّ» .
[٣] لم يذكر ابن الجوزي عددا، وكذا ابن الأثير.