للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدب كثير. وله «رسالة الملائكة» و «رسالة الطّير» على ذلك الأُنْمُوذَج. ولهُ كتاب «سقط الزِّنْد» في شِعره، وهو مشهور، وله من النَّظْم «لزوم ما لَا يلزم» في مُجلَّدٍ أبدع فيه.

وكان عجبًا من الذَّكاء المُفرط والْإِطلاع الباهر على اللُّغة وشواهدها.

وُلِدَ سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة، وجُدِّر في السَّنة الثالثة من عمره [١] فعمي منه، فكان يقول: لَا أعرف من الألوان إِلَّا الأحمر، فإنِّي أُلبِستُ في الْجُدريّ ثوبًا مصبوغًا بالعُصْفُر، لَا أعقِل غير ذلك [٢] .

أخذ العربيّة عن أهل بلده كبني كوثر وأصحاب ابن خالَوْيه، ثمّ رحل إلى أطرابُلُس، وكانت بها خزائنُ كُتُبٍ مَوْقُوفَة [٣] فاجتاز باللّاذقيّة ونزل ديرًا كان به راهبٌ له علم بأقاويل الفلاسفة، فسمع أبو العلاء كلامه، فحصل له به شكوك، ولم يكن عنده ما يدفع به ذلك، فحصل له بعض انْحلال، وأودع من ذلك بعض شعره. ومنهم من يقول ارعوى وتاب واستغفر [٤] .

ومِمّن قرأ عليه أبو العلاء اللغة جماعة. فقرأ بالمعرَّة على والده، وبحلب على محمد بن عبد اللَّه بن سعد النَّحوي، وغيره.

وكان قانِعًا باليسير، لهُ وقفٌ يحصل له منه في العام نحو ثلاثين دينارًا، قرَّر منها لمن يخدمه النّصف.

وكان أكْلُه العدس، وحلاوته التّين، ولباسه القُطْن، وفراشه لبّاد، وحصيرة


[١] وقال المؤلّف- رحمه الله- في «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٢٤: «وأضرّ بالجدريّ وله أربع سنين وشهر» .
[٢] إنباه الرواة ١/ ٤٩، المنتظم ٨/ ١٨٤ (١٦/ ٢٢) ، معجم الأدباء ٣/ ١٢٥.
[٣] إنباه الرواة ١/ ٥٠، نكت الهميان ١٠٢، معاهد التنصيص ٦٦، آثار أبي العلاء ١/ ١٩٠، وانظر كتابنا: دار العلم بطرابلس في القرن الخامس الهجريّ- طبعة دار الإنشاء، بطرابلس ١٩٨٢- ص ١٧.
[٤] إنباه الرواة ١/ ٤٩.