للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَرْدِيّة [١] . وكانت له نفسٌ قويَّة لَا تحمِل مِنّة أحد، وإلّا لو تكسَّبَ بالشِّعر والمديح لكان ينال بذلك دنيا ورئاسة.

واتَّفق أنّهُ عُورِض في الوقف المذكور من جهة أمير حلب، فسافر إلى بغداد متظلّما منه في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، فسمعوا منه ببغداد «سقط الزِّند» [٢] ، وعاد إلى المعرّة سنة أربعمائة. وقد قصده الطّلبة من النّواحي.

ويُقال عنه إنّه كان يحفظ ما يمر بسمعه [٣] .

وقد سمع الحديث بالمعرّة عاليا من يحيى بن مسعر التَّنُوخيّ، عن أبي عروبة الحرّانيّ.

ولزِم منزله، وسمّى نَفْسَهُ «رهين المحبسين» للزومه منزله، وذهاب بصره.

وأخذ في التّصنيف، فكان يُملي تصانيفه على الطَّلَبَة [٤] ، ومكثَ بضعًا وأربعين سنة لَا يأكل اللَّحْمَ، ولا يرى إيلام الحيوان مُطلَقًا على شريعة الفلاسفة.

وقال الشِّعر وهو ابن إحدى عشرة سنة.

قال أبو الحسين عليّ بن يوسف القفطيّ [٥] : قرأت على ظهر كتاب عتيق أن صالح بن مرْداس صاحب حلب خرج إلى المعرَّة وقد عصى عليه أهلُها، فنازلها وشرع في حصارها ورماها بالمجانيق. فلمّا أحس أهلها بالغَلَب سعوا إلى أبي العلاء بن سليمان وسألوه أن يخرج ويشفع فيهم.

فخرج ومعه قائد يقوده، فأكرمه صالح واحترمه، ثمّ قال: ألك حاجة؟


[١] البردية: جمعها برديّ: نبات تصنع منها الحصر.
[٢] إنباه الرواة ١/ ٤٩، ٥٠.
[٣] معجم الأدباء ٣/ ١٢٤.
[٤] معجم الأدباء ٣/ ١٢٤.
[٥] في «إنباه الرواة» ١/ ٥٣، ٥٤، وانظر: معجم الأدباء ٣/ ٢١٦، ٢١٧.