للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن سنة ستّ وأربعين وخمسمائة

[تحشُّد عساكر نور الدين قرب دمشق]

في عاشوراء نزل عسكر نور الدّين بعَذْرا ونواحيها، ثمّ قصد من الغد طائفةٌ منهم إلى ناحية النَّيْرَب [١] والسَّهْم، وكمنوا عند الجبل لعسكر دمشق، فلمّا خرجوا جاءهم النذير، فانهزموا إلى البلد وسَلِمُوا. وانتشرت العساكر الحلبيَّة بنواحي البلد، واستؤصلت الزُّرُوع والفاكهة من الأَوْباش، وغَلَت الأسعار.

وتأهّبوا الحفظ البلد. فجاءت رُسُل نور الدّين يَقُولُ: أَنَا أؤثر الإصلاح للرعيَّة وجهاد المشركين، فإنْ جئتم معي في عسكر دمشق وتعاضدْنا عَلَى الجهاد، فذلك المراد.

فلم يُجِيبوه بما يُرضيه، فوقعت مناوشة بين العسكرين، ولم يزحف نور الدّين رِفْقًا بالمسلمين. ولكنْ خربت الغُوطة والحواضر إلى الغاية بأيدي العساكر وأهل الفساد، وعُدِم التّبْن، وعظُم الخطْب، والأخبار متوالية بإحشاد الفرنج، واجتماعهم لإنجاد أهل البلد. فضاقت صدور أهل الدّين. ودام ذَلكَ شهرا، والجيش النُّوريّ في جمْع لا يُحصَى، وأمداده واصلة، وهو لا يأذَن [٢] لأحد في التّسرُّع إلى القتال، ولكنْ جُرح خلق [٣] ، [٤] .


[١] النّيرب: بالفتح ثم السكون، وفتح المراء، وباء موحّدة. قرية مشهور بدمشق على نصف فرسخ. (معجم البلدان ٥/ ٣٣٠) .
[٢] في الأصل: «يؤذن» .
[٣] ذيل تاريخ دمشق ٣١٢- ٣١٤، تاريخ الزمان ١٦٦، ١٦٧.
[٤] هي عنجز أو مجدل عنجر المعروفة حاليا بالبقاع. وقد تحرّفت في مرآة الزمان ج ٨ ق ١/ ٢٠١ إلى «عين الجسر» : وكذا في عيون التواريخ ١٢/ ٤٤٢.