للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بغداد بذراعٍ وكَسْر، وخرج النّاس إلى البحر، وأَيِسُوا من البلد، وضجّوا إلى اللَّه بالبكاء، وانهدمت دُورٌ كثيرة بمرَّة. وكان آية من الآيات. وهلكتْ قُرى ومزارع لا تُحْصَى. ونُصِب يوم الجمعة مِنْبرٌ خارج السّور، وصلّى الخطيب بالنّاس هناك.

وفي الجمعة الأخرى اجتمعوا بمسجد التّوبة. ودام الغَرَق أيّاما، وكُثر الابتهال إلى اللَّه. وبقي الخلْق والأمراء كلّما سدّوا ثُقْبًا وتعبوا عَلَيْهِ، غَلَبَهُم الماءُ وخرَّبه، أو انفتح آخَرُ عنده [١] .

[[الأمطار بالموصل]]

وجاءت أمطارٌ [٢] هائلة بالمَوْصِل، ودامت أربعة أشهر، حتّى تهدَّم بها نحو ألفَيْ دار، وهلك خلْقٌ تحت الرَّدْم، وزادت الفُرات زيادة كبيرة، وفاضت حتّى أهلكت قُرى ومزارع.

ومن العَجَب أنّ هذا الماء عَلَى هذه الصّفة، ودُجَيْل قد هلكت مزارعة بالعَطَش [٣] .

[تجدّد الخلاف بين السُّنَّة والرافضة]

وتُوُفّي السّلطان نور الدّين فتجدد بحلب بعد موته اختلاف بين السُّنَّة والرّافضة، فقتل من الطّائفتين خلْق، ونُهِب ظاهر البلد.

[[البشارة بفتح اليمن وكسر الفرنج]]

وكان ممّا قدِم بِهِ ابن الشّهرزُوريّ من البشارة: فتْحُ اليمن، وكسْر الفرنج مرَّةً ثانية، ومقدّمهم الدُّوقْش، وكان أسيرا عند نور الدّين. أسره نَوْبة حارِم، ففداه بخمسةٍ وخمسين ألف دينار، وخمسمائة ثوب أطلس.


[١] المنتظم ١٠/ ٢٤٤- ٢٤٦ (١٨/ ٢٠٤- ٢٠٧) ، الكامل ١١/ ٣٩٤، دول الإسلام ٢/ ٨٢، البداية والنهاية ١٢/ ٢٧٣، تاريخ الخلفاء ٤٤٧.
[٢] في المنتظم ١٠/ ٢٤٧ (١٨/ ٢٠٧) : «أكلاك» .
[٣] المنتظم ١٠/ ٢٤٧ (١٨/ ٢٠٧) ، الكامل ١١/ ٤٠٩ وفيه أن الأمطار دامت أربعين يوما، دول الإسلام ٢/ ٨٢، البداية والنهاية ١٢/ ٢٧٣، تاريخ الخلفاء ٤٤٧.