للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أن قَالَ: وأبيعت الأسارى بثمنٍ بخْسٍ، حَتَّى باع فقيرٌ أسيرا بنَعْل، فَقِيل لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أردت هوانهم.

ووصل القاضي ابن أَبِي عصرون [١] دمشقَ وصليب الصَّلَبُوت منكَّسًا بَيْنَ يديه [٢] ، وعاد السّلطان إلى طبريَّة، وآمن صاحبتها، فخرجت بأموالها إلى عكّا. وأمّا القومُّص فسار من صَفَد إلى طرابُلُسَ فمات بها، فَقِيل: مات من جراحاتٍ أصابته. وقيل: إنّ امرأته سمّته.

قَالَ القاضي جمال الدّين بْن واصل [٣] : اجتمعت الجحافل عَلَى رأس الماء عِنْد الملك الأفضل ابن السّلطان، فتأخّرت العساكر الحلبيَّة لانشغالها بِفرنج أنطاكيَّة وبالأرمن، فدخل الملك مظفَّر صاحب حماه فأخمد ثائرتهم، ثُمَّ ردّ إلى حماه ومعه فخر الدّين مَسْعُود بْن الزَّعْفَرانيّ عَلَى عساكر المَوْصِل وعسكر ماردين، فلحقوا السّلطان بعشترا، ثُمَّ ساروا، وأحاطت جيوشه بُحيرة طبريَّة عِنْد قرية الصّفيرة، ثُمَّ نازل طبريَّة فافتتحها فِي ساعةٍ من نهار.

[[رواية ابن الأثير]]

وحكى ابن الأثير [٤] عمّن أخبره عَنِ الملك الأفضل قَالَ: كُنْت إلى جانب والدي السّلطان فِي مُصافّ حِطّين، وهو أوَّل مُصافٍّ شاهدتُه، فَلَمَّا صار ملك الفِرَنج عَلَى التّلَّة حملوا حملة منْكَرَةً علينا، حَتَّى ألحقوا المسلمين بوالدي، فنظرت إِلَيْهِ وَقَدْ أرْبَدَّ لونُه، وأمسك بلحيته، وتقدَّم وَهُوَ يصيح:

كذب الشَّيْطان. فعاد المسلمون عَلَى الفِرَنج، فرجعوا إلى التّلّ. فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ صُحْت: هزمناهم، هزمناهم. فعاد الفِرَنج وحملوا حملةً ثانيةً حَتَّى


[١] هو أبو سَعْد عَبْد اللَّه بن أَبِي السّرِيّ مُحَمَّد بن هبة الله بن مطهر بْن عَلِيّ بْن أَبِي عَصْرون بْن أَبِي السري التميمي، الحديثي، ثم الموصلي، الفقيه الشافعيّ، الملقّب شرف الدين. توفي سنة ٥٨٥ هـ. بدمشق. وسيأتي في وفيات هذا الجزء برقم (١٧٤) .
[٢] مشارع الأشواق ٢/ ٩٣٥.
[٣] في مفرّج الكروب.
[٤] في الكامل في التاريخ ١١/ ٥٣٦، ٥٣٧.