للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمّ ساق عزّ الدّين ابن الأثير فتوحات الحصون المذكورة بعبارةٍ طويلة واضحة، لأنّ عزّ الدّين حضر هَذِهِ الفتوحات الشّمالية. ثُمَّ ذكر بعدها فتح الكَرَك، والشَّوْبك وما جاور تِلْكَ النّاحية منَ الحصون الصّغار. ثُمَّ ذكر فتح صَفَد، وكَوْكَب، إلى أن قَالَ [١] : فتسلّم حصن كَوْكَب فِي نصف ذِي القعدة، وأمّنهم وسيَّرهم إلى صور، فاجتمع بها شياطين الفِرَنج وشجعانهم، واشتدّت شوكتهم، وتابعوا الرُّسُل إلى جزائر البحر يستغيثون، والأمداد كُلّ قليل تأتيهم. وكان ذَلِكَ بتفريط صلاح الدّين فِي إطلاق كُلّ من حضره، حَتَّى عضّ بنانه ندما وأسفا حيث لَمْ ينفعه ذَلِكَ. وتمّ للمسلمين بفتح كَوْكَب من حد أيلَة إلى بيروت، لا يفصل بَيْنَ ذَلِكَ غير مدينة صور.

[[نيابة الوزارة]]

أَنْبَأَني ابن البُزُوريّ قَالَ: وَفِي المحرَّم خرج الوزير جلال الدّين بْن يُونُس للقاء السّلطان طُغْرُل بْن رسلان شاه فِي العساكر الدِّيوانيَّة، واستنيب فِي الوزارة قاضي القضاة أَبُو طَالِب عَلِيّ بْن البخاريّ.

[المصافّ بَيْنَ طغرل والوزير ابن يُونُس]

وَفِي ربيع الأوّل كان المصافّ بين الوزير ابن يُونُس وطُغْرل، وحرَّض الوزير أصحابه وكان فيما يَقُولُ: مَن هاب خاب، ومَن أقدم أصاب، ولكلّ أَجَلٍ كتاب. فَلَمَّا ظهر لَهُ تقاعُس عساكره عَنِ الإقدام، وزلّت بهم الأقدام، تأسَّف عَلَى فوت المُرام، وثبت فِي نفرٍ يسير كالأسير، وبيده سيف مشهور، ومُصْحف منشور، لا يقدم لهيبته أحدٌ عليه، بل ينظرون إِلَيْهِ. وأقدم بعض خواصّ طُغْرُل وجاء فأخذ بعِنان دابّته، وقادها إلى خيمته، ثمّ أنزله وأجلسه، فجاء إِلَيْهِ السّلطان فِي خواصّه ووزيره، فلزِم معهم قانون الوزارة، ولم يقم إليهم، فعجبوا من فِعْله، وكلَّمهم بكلام خَشِن، فلم يزل السّلطان طُغْرُل لَهُ مُكْرِمًا، ولمنزلته محترما، إلى حين عوده [٢] .


[١] في الكامل ١٢/ ٢٣.
[٢] الكامل ١٢/ ٢٤، ٢٥، المختصر ٣/ ٧٦.