للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويوم وصول ملك الألمان إلى عكّا ركبت الفِرَنج وأظهروا قوّة وأرجفوا، وحملوا عَلَى يَزَك المسلمين، فركب السّلطان، ووقع الحرب، ودام إلى اللّيل وكانت الدّائرة عَلَى الكفّار، ولم يزل السَّيف يعمل فيهم حَتَّى دخلوا خيامهم. ولم يقتل يومئذٍ منَ المسلمين إلّا رجلان، لكنْ جُرِح جماعة [١] .

ولمّا مات طاغية الألمان حزنت عليه الفِرَنج، وأشعلوا نيرانا هائلة بحيث لَمْ يبق خيمةٌ إلّا أوقد فيها النّار. ومات لهم كنْد عظيم، ووقع الوباء فيهم والمرض، ومرض كنْدهري، وصار يموت فِي اليوم المائة وأكثر فِي معسكرهم. واستأمن منهم خلْقٌ عظيم، أخرجهم الجوع، وقالوا للسّلطان:

نَحْنُ نركب البحر فِي مراكب صِغار، ونكسب منَ النَّصارى، ويكون الكسب لنا ولك. فأعطاهم السّلطان مركبا فركبوا فِيهِ، وتحفّزوا لمراكب التّجّار النَّصارى، وأتوا بالغنائم إلى السّلطان فأعطاهم الجميع، فَلَمَّا رأوا هَذَا أسلم جماعة منهم.

واستشهد فِي هَذِهِ السّنة سبعة أمراء عَلَى عكّا [٢] .

[[استشهاد الأمير جمال الدين بن ألدكز]]

والتقى شواني المسلمين وشواني الفِرَنج فِي البحر، وأُحرقت للفِرنج شواني برجالها، وأحاطت مراكب العدوّ بشينيِّ مقدّمه الأمير جمال الدّين مُحَمَّد بْن ألْدِكِز [٣] ، فترامى ملّاحو الشّيني إلى الميناء، فقاتل جمال الدّين، فعرضوا عليه الأمان فَقَالَ: ما أضع يدي إلّا فِي يد مقدّمكم الكبير. فجاء مقدّمهم إِلَيْهِ، فعانقه جمال الدّين وماسَكَه وشَحَطه، فوقعا فِي البحر وغرقا معا [٤] .


[١] تاريخ ابن الفرات ٤/ ١/ ٢٢٧.
[٢] تاريخ ابن الفرات ٤/ ١/ ٢٤٤ ومنهم: الأمير سوار.
[٣] تصحّف في تاريخ ابن الفرات ٤/ ١/ ٢٤٤ إلى «ارلكلن» .
[٤] تاريخ ابن الفرات ٤/ ١/ ٢٤٤.