للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالتقاهم السّلطان فِي تعبئةٍ حسنة، فكان أولاده فِي القلب، وأخوه الملك العادل فِي الميمنة، وابن أَخِيهِ تقيّ الدّين عُمَر، وصاحب سِنْجار عماد الدّين فِي الميسرة.

واتّفق للسّلطان قولنج كَانَ يعتاده، فنُصبت لَهُ خيمة عَلَى تلّ، فرأى الفِرَنج ما لا قِبَل لهم بِهِ فتقهقروا.

قَالَ ابن الأثير [١] : لولا الألم الَّذِي حدث لصلاح الدّين لكانت هِيَ الفيصل، وإنّما للَّه أمر هُوَ بالِغُه. فَلَمَّا دخل الفِرَنج خندقهم، ولم يكن لهم بعدها ظهور منه، عاد المسلمون إلى خيامهم وَقَدْ قتلوا منَ الفِرَنج خلقا يومئذٍ.

إلّا أنّ فِي الثّالث والعشرين من شوال تعرَّض عسكر من المسلمين للفرنج، فخرج إليهم أربعمائة فارس فناوشوهم القتال وتطارحوا، فتبِعتهم الفِرَنج، فخرج كمين للمسلمين عليهم فلم يفلت منهم أحد.

[اشتداد الغلاء عَلَى الفِرَنج]

واشتدّ الغلاء عَلَى الفِرَنج، وجاء الشِّتَاء، وانقطعت مادّة البحر لتهيّجه، ولولا أنّ بعض الجهّال كانوا يجلبون إليهم الغلّات لأنّ الغرارة بلغت عندهم ألف دِرْهَم، لكانوا هلكوا جوعا [٢] .

[[تبديل عسكر عكا]]

وأرسل أَهْل عكّا يشكون الضَّجَر والسّآمة، فأمر السّلطان بإخراجهم، وإقامة البَدَل، وكان ذَلِكَ من أسباب أخْذها. فأشار الجماعة عليه بأن يرسل اليهم النّفقات الواسعة والذّخائر، فإنّهم قَدْ تدرّبوا، واطمأنّت نفوسهم، فلم يفعل وتوهّم فيهم الضَّجَر، وأنّ ذَلِكَ يحملهم على العجز. وكان بها أَبُو الهيجا السّمين، فنزل الملك العادل تحت جبل حَيْفا، وجمع المراكب والشّواني، فكان يبعث فيها عسكرا، ويردّ عِوَضهم من عكّا فِي المراكب،


[١] في الكامل ١٢/ ٥٤.
[٢] الكامل ١٢/ ٥٤، ٥٥.