للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووقع فيهم البكاء والنّحيب، فإنّا للَّه وإنّا إِلَيْهِ راجعون.

وخيَّمَ ملك الأنكتير [١] بيافا، وشرعوا فِي عمارتها. ثُمَّ راسل ملك الانكتير السّلطان فِي طلب الهدنة، فكانت الرسائل تتردَّد إلى الملك العادل، فتقرّرت القاعدة أنّ ملك الأنكتير يزوِّج أخته بالملك العادل، ويكون القدس وما بأيدي المسلمين من بلاد السّاحل للعادل، وتكون عكّا لأخت ملك الأنكتير مضافا إلى مملكةٍ كانت لها داخل البحر قَدْ ورثتها من زوجها.

وأجاب صلاح الدّين إلى ذَلِكَ، فاجتمع الرهبان والقِسِّيسون، وأنكروا عَلَى الملكة، ومنعوها منَ الإجابة. ثُمَّ إنّ الفِرَنج نوّهوا بقصد بيت المَقْدِس، فصاف صلاح الدّين إلى الرملة جريدة، وجرت بَيْنَ المسلمين وبين الفِرَنج عدّة [وقعات] صِغار فِي هَذِهِ الأيّام، فِي سائرها يكون الظَّفَر للمسلمين [٢] . ثُمَّ دخل صلاح الدّين القدس لكثرة الأمطار، وتقدّمت الفِرَنج إلى النّطرون عَلَى قَصدْ بيت المَقْدِس. واشتدّ الأمر، وجرى بينهم وبين يَزَك المسلمين عدّة وقعات.

[[تحصين القدس]]

وجدّ صلاح الدّين فِي تحصين القدس بكلّ ممكن، حَتَّى كَانَ [يحمل] الحجارة عَلَى فرسه بنفسه، وممّا جرى أنّ ملك الأنكتير [٣] ركب بالفرنج فِي البحر، فركب السّلطان فِي البرّ لقتالهم. فأحضر الفرنج جماعة من أسارى المسلمين، فقتلوهم صبرا، فحمل المسلمون عليهم وأزالوهم عَنْ مواقفهم، وقتلوا منهم جماعة، واستشهد منَ المسلمين جماعة. ثُمَّ انصرف السّلطان فِي المال المقرَّر، فَلَمَّا دخل شعبان زحفت الفرنج بخيلهم ورجلهم، فعرف


[١] هكذا في الأصل، ومثله في (الفتح القسّي) . ويرد في المصادر: «ملك الإنكلتير» . و «ملك الإنكتار» ، و «ملك الإنكلتار» ، أي ملك أنكلترا. وهو «ريشارد قلب الأسد ابن هنري الثامن ملك الإنكليز» .
[٢] تاريخ ابن الفرات ٤/ ٢/ ٢٦.
[٣] هكذا في الأصل.