للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: بَايَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ الْحَسَنَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَأَحَبُّوهُ أَكْثَرَ مِنْ أَبِيهِ.

وَعَن عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَارَ الْحَسَنُ حَتَّى نَزَلَ الْمَدَائِنَ، وَبَعَثَ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى الْمُقَدِّمَّةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَبَيْنَا الْحَسَنُ بِالْمَدَائِنِ إِذْ نَادَى مُنَادٍ أَلَا إِنَّ قَيْسًا قَدْ قُتِلَ، فَاخْتَبَطَ النَّاسُ، وَانْتَهَبَ الْغَوْغَاءُ سُرَادِقَ الْحَسَنِ حَتَّى نَازَعُوُه بِسَاطًا تَحْتَهُ، وَطَعَنَهُ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ بِخِنْجَرٍ، فَوَثَبَ النَّاسُ عَلَى الرَّجُلِ فَقَتَلُوهُ، لَا رَحِمَهُ اللَّهُ، وَنَزَلَ الْحَسَنُ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ بِالْمَدَائِنِ، وَكَاتَبَ مُعَاوِيَةَ فِي الصُّلْحِ [١] .

وَقَالَ نَحْوَ هَذَا: أَبُو إِسْحَاقَ، وَالشَّعْبِيُّ.

وَرُوِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا خَلَعَ نَفْسَهُ لِهَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: مَا ثَنَانَا عَنْ أَهْلِ الشَّامِ شَكٌّ وَلَا زَيْغٌ، لَكِنْ كُنْتُمْ فِي مُنْتَدَبِكُمْ إِلَى صِفِّينَ وَدِينُكُمْ أَمَامَ دُنْيَاكُمْ، فَأَصْبَحْتُمُ الْيَوْمَ وَدُنْيَاكُمْ أَمَامَ دِينِكُمْ. وَرُوِيَ أَنَّ الْخِنْجَرَ الَّذِي جُرِحَ بِهِ فِي إِلْيَتِهِ كَانَ مَسْمُومًا، فَتَوَجَّعَ مِنْهُ شَهْرًا ثُمَّ عُوفِيَ [٢] ، وللَّه الْحَمْدُ.

وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ الْهِزَّانِيُّ: ثَنَا أَبُو الْغَرِيفِ [٣] قَالَ: لَمَّا رُدَّ الْحَسَنُ إِلَى الْكُوفَةِ وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ أَبُو عَامِرٍ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَسْتُ بِمُذِلِّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَكُمْ عَلَى الملك [٤] .


[١] الخبر في، تاريخ الطبري ٥/ ١٥٩ و ١٦٠، والكامل في التاريخ ٣/ ٤٠٤، وتهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٢٢٣، ومرآة الجنان ١/ ١١٨، ١١٩، والبداية والنهاية ٨/ ١٤، ونهاية الأرب ٢٠/ ٢٢٥، ٢٢٦، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٤/ ١٠، ومقاتل الطالبيّين ٦٣.
[٢] في تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٢٢٥ إنه مرض أشهرا.
[٣] هو: عبيد الله بن خليفة الهمدانيّ.
[٤] أخرجه البسوي في: المعرفة والتاريخ ٣/ ٣١٧ قال: حدّثنا العباس بن عبد العظيم، حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا زهير بن معاوية، حدّثنا أبو روق الهزّاني، حدّثنا أَبُو الْغَرِيفِ، قَالَ: كُنَّا فِي مُقَدِّمَةِ الْحَسَنِ بن علي اثنى عشر ألفا بمسكن مستميتين تقطر أسيافنا من الجدّ على قتال أهل الشام وعلينا أبو العمرّطة، فلما جاءنا صلح الحسن بن علي كأنما كسرت ظهورنا من