للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا خُوارزم شاه فإنّه استعمل عَلَى نَيْسابور نائبا، وجاء فَتَمَّمَ حصار هراة، ولم ينل منها غرضا بحسن تدبير وزيرها. فأرسل إليه خُوارزم شاه يَقُولُ: إنّك وعدت عسكري أنّك تُسَلِّم إليَّ البلد إذَا حضرت. فَقَالَ: لا أفعل، أنتم غَدّارون لا تُبقُون عَلَى أحد، والبلد للسّلطان غياث الدّين. فاتّفقَ جماعةٌ من أهل هراة، وقالوا: أهلكَ النّاس من الْجُوع، وتعطّلت المعايش، وهذه ستَّة أشهر. فأرسل الوزير مَن يُمسكهم، فثارت فتنة في البَلد وعظُمت، فتداركها الوزير بنفسه، وكَتَبَ إِلى خُوارزم شاه، فزحف عَلَى البلد وهم مختبطون فملكها، ولم يُبْقِ عَلَى الوزير وقَتَلَهُ، وذلك في سنة خمس. ثُمَّ سَلَّم البلد إِلى خاله أمير ملك، فَرَمّ شعثَهُ. ثُمَّ أَمَر خالَهُ أن يسير إِلى السّلطان غياث الدّين محمود بْن غياث الدّين، فَيَقْبض عَلَيْهِ وعلى عليّ شاه، فسارَ لحربهما، فأرسل غياث الدّين يبذل لَهُ الطّاعة، فأعطاه الأمان، فنزل غياث الدّين من فيروزكوه، فقبض عليه وعلى عليّ شاه. ثُمَّ جاء الأمر من خُوارزم شاه بقتلهما، فقتلهما في وقتٍ واحد من سنة خمسٍ الآتية [١] .

[تملّك ابن العادل خلاط]

وفيها تملّك الأوحد أيّوب ابن العادل مدينة خِلاط بعد حرب جرت بينه وبين بَلبان صاحبها. وقُتِلَ بعد ذَلِكَ بلبان عَلَى يد ابن صاحب الروم مغيث الدّين طُغرل شاه، وساقَ القصَّةَ ابن الأثير في «تاريخه» [٢] وابن واصل [٣] وغيرهما.

وخِلاط مملكة عظيمة وهي قصبة أرمينية، وبلادها متّسعة حتّى قِيلَ:

إنّها في وقتٍ كانت تقارب الدّيار المصريَّة، وهذا مبالغة، وكانت لشاه


[١] انظر الخبر أيضا في: الجامع المختصر ٩/ ٢٣٧- ٢٣٩، والمختصر في أخبار البشر ٣/ ١٠٩، ١١٠، والبداية والنهاية ١٣/ ٤٧، ٤٨، والعسجد المسبوك ٢/ ٣١٤- ٣١٩، ونهاية الأرب ٢٧/ ٢٢٥، وتاريخ ابن سباط ١/ ٢٤٤، وتاريخ الخميس ٢/ ٤١٠.
[٢] الكامل: ١٢/ ٢٧٢.
[٣] مفرج الكروب: ٣/ ١٧٥ فما بعد.