للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة خمس عشرة وستّمائة

[نزول الفرنج عَلَى دمياط]

في ربيع الأَوَّل نزلت الفرنج عَلَى دِمياط، فبعث الملك العادل العساكر التي عنده بمرج الصُّفر إلى ابنه الملك الكامل، وطلب ابنه المُعَظَّم وَقَالَ لَهُ: قد بنيت هَذَا الطّور وَهُوَ يكون سبب خراب الشَّام، وأرى المصلحة أن تخرّبه ليتوفر مَنْ فيه عَلَى حِفْظ دِمْياط. فتوقّف المُعظم، ثُمَّ أرضاه بمالٍ ووعدهُ ببلاد، فأجاب وأخلاه وخرّبه، وكان قد غرم عَلَى بنائه أموالا لَا تحصى.

قَالَ ابن واصل [١] : لَمَّا طالت إقامة جيوش الفرنج بمرج عكّا، أشار عُقلاؤهم بقصْد الدّيار المصريّة وقالوا: صلاح الدّين إنّما استولى عَلَى البلاد بتملُّكه مصر. فصمّموا، وركبوا البحر إلى دمياط، فنزلوا عَلَى بَرِّ جِيزَتِها، وزحفوا عَلَى برج السّلسلة، وَكَانَ مشحونا بالرّجال، وَكَانَ الكامل قد أقبل ونزل ببرّ دمياط، ودامَ الحصار والنّزال أربعة أشهر، وجاءت الكامل النَّجدات من الشَّام، ومات الملك العادل في وسط الشِّدَّة، واستراح.

وفي ربيع الآخر كسر الملك الأشرف ابن العادل ملكَ الرّوم كيكاوس. ثُمَّ جمع الْأشرف عساكره وعسكر حلب، ودخل بلد الفرنج ليشغلهم بأنفسهم عن قَصْد دِمياط، فنزل عَلَى صافيثا وحصن الْأكراد، فخرج ملك الرّوم ووصل إلى رَعْبان يريد أن يملك حَلَب، فنزل إِلَيْهِ الملك الْأفضل من سُمَيْساط، فأخذا رعْبان وتلّ باشر، فردّ الملكُ الْأشرف إلى حلب، ونزل عَلَى الباب وبزاعة، وقدّم بين يديه العرب. وقدِم الرُّوم يعملون [٢] مَصَافًا مَعَ العرب فكسرهُم العربُ. وبعث الْأشرفُ نَجْدة من عسكره إلى دمياط.


[١] في: مفرج الكروب ٣/ ٢٥٨ وما بعدها.
[٢] في الأصل: «يعملوا» .