للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[وفاة الملك القاهر]]

وفيها تُوُفِّي الملك القاهر عزّ الدّين مسعود بن رسلان [١] بن مسعود بن مودود بن زنكي بن آقسنقر صاحب المَوْصِل، مسموما فيما قِيلَ، وترك ابنه محمودا وَهُوَ صغير، فأخرجَ الْأميرُ بدرُ الدّين لؤلؤ أخا القاهر زنكيّا من المَوْصِل، ثُمَّ استولى عليها، وتسمّى بالملك الرَّحيم.

وَقِيلَ: إِنَّهُ أدخلَ محمودا حَمّامًا حامِيًا حَتَّى اشتدّ كَرْبُهُ، فاستغاث: «اسقوني ماء، ثُمَّ اقتلوني» ، فَسَقوه، ثُمَّ خُنق [٢] .

[[خوارزم شاه ورسل جنكيزخان]]

وفيها عادَ السّلطان خُوَارِزْم شاه مُحَمَّد إلى نَيْسَابُور، وأقامَ بها مُدَّة، وقد بلغه أَنَّ التّتار- خذلهم اللَّه تعالى- قاصدون مملكة ما وراء النّهر، وجاءه من جنكس خان [٣] رُسُلٌ وهم محمود الخُوَارِزْمِي، وخَواجا عَليّ البُخاريّ، ومعهم من طُرَف هَدايا التُّرك من المِسْك وغيره، والرّسالة تشتمل عَلَى التَّهْنئة بسلامة خُوَارِزْم شاه، ويطلب منه المُسالمَة والهُدْنة، وَقَالَ: إِنَّ الخان الأعظم يسلّم عليك ويقول: ليس يخفى عليَّ عِظَمُ شأنك، وما بلغتَ من سُلْطانِك، ونفوذِ حُكمك عَلَى الْأقاليم، وَأَنَا أرى مُسالمتك من جملة الواجبات، وَأَنْتَ عندي مثل أعزّ أولادي، وغير خافٍ عنك أنّني ملكت الصِّين، وَأَنْتَ أخبرُ النَّاس ببلادي، وإنّها مثارات العساكر والخيول، ومعادن الذَّهَب والفِضَّة، وفيها كفاية عن طلب غيرها، فإن رَأَيْت أن نعقد بيننا الموَدَّة، وتأمر التّجّار بالسَّفر لتعمّ المصلحتين [٤] ؟ فعلت.

فأحضر السّلطان خُوَارِزْم شاه محمودا الخُوَارِزْمِي وَقَالَ: أنت منّا وإلينا، ولا بدّ لك من مولاةٍ فينا. ووعده بالإحسان، إن صدقه، وأعطاه معضدة مجوهرة نفيسة، وشَرَطَ عَلَيْهِ أن يكون عَيْنًا لَهُ عَلَى جنكزخان، فأجابه، ثمّ قال له: اصدقني،


[١] هكذا هنا. وحين يترجم المؤلّف- رحمه الله- لوفاته يذكره «أرسلان» .
[٢] انظر عن (القاهر) في الوفيات، برقم (٣٣٣) وسأذكر مصادره هناك.
[٣] جنكس: وتكتب جنكز، وجنكيز، وهو طاغية التتر الأكبر.
[٤] كذا في الأصل بخط المصنف، والصواب: المصلحتان.