للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تقييد الفتوى]

وتقدّم الخُوَيّي إلى المُفتين بأن لا يكتبوا فتوى إلّا بإذنه.

[طلوع الفرنج إلى صيدا]

وفيها طلع الفِرنجُ من البحر وعكّا إلى صيدا، وكانت مناصفة لهم وللمسلمين، فاستولَوْا عليها وحصَّنُوها، وتمَّ لهم ذلك، وقويت شوكتُهم، وجاءهم الأنبرور ملكُ الألمان ومعناه: ملك الأمراء، وكان قُبيل مجيئه قد استولى على قبرص، وقَدِمَ عكَّة [١] ، وارتاع المسلمون لذلك. وقَدِمَ الكامل كما مرَّ مِن مصر، وأقام على تَلِّ العجول، ثمّ كاتبَ الأنبرور، واتّفق معه على النّاصر داود ابن المعظَّم، ونشب الكامل بالكلام، ولم تكن عساكر الأنبرور وصلت إليه من البحر، وخافه المسلمون، وملوكُ الفرنج بالسّاحل، فكاتبوا الكاملَ إذا حصل مصافُّ نمسك الأنبرور، فسيَّر إلى الأنبرور كتبهم، وأوقفه عليها، فعرف الأنبرور ذلك للكامل، وأجابه إلى كُلّ ما يُريد، وقدِمت رسُلُه على الكامل يتشكَّرَ لِما أَوْلاه، وتردَّدت بينهم المراسلاتُ.

وسيَّر الأنبرور إلى الكامل يتلطَّف معه، ويقول: أنا عتيقُك وأسيرُك، وأنت تعلم أنّي أكبرُ ملوك البحر، وأنت كاتبتني بالمجيء، وقد علم البابا وسائرُ ملوك البحر باهتمامي وطلوعي، فإنْ أنا رجعت خائبا، انكسرت حرمتي بينهم، وهذه القدس فهي أصل اعتقادهم وحجِّهم، والمسلمون قد أخربوها، وليس لها دَخْلٌ طائل، فإن رأى السُّلطانُ- أعزَّه الله- أن يُنْعِمَ عليَّ بقصبةِ البلدِ، والزيادة تكون صَدَقَة منه، وترتفعُ رأسي بين الملوك، وإن شاء السُّلطان أن يكشِفَ عن محصولها، وأحمل أنا مقدارَه إلى خزانته فعلتُ. فلما سَمِعَ الكاملُ ذلك، مالت نفسُه وجاوبه أجوبة مغلّظة، والمعنى فيها نعم [٢] .


[١] هكذا في الأصل: «قبرص» و «عكّة» ، وهما: «قبرس» و «عكّا» .
[٢] انظر خبر (صيدا) في: الكامل ١٢/ ٤٧٧- ٤٧٨، والتاريخ المنصوري ١٥٦، ومفرّج الكروب ٤/ ٢٣٣، ودول الإسلام ٢/ ١٣٣، والمختار من تاريخ ابن الجزري ١٤٤، والبداية والنهاية ١٣/ ١٢٣، والسلوك ج ١ ق ١/ ٢٢٩، وشفاء القلوب ٣١١، وتاريخ ابن سباط ٢٩٤، والإعلام والتبيين ٥٤.