للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أخذ ولدُهُ عَبْد اللَّه يَصِفُ توكُلَه وفناءه ومحبّته ورضاه ومقاماته، وأنّ أخلاقَه كريمةٌ وهيبتَه عظيمةٌ، وأنَّه بَقِيَ عشرينَ سنة بقميصٍ واحد وطاقيةٍ عَلَى رأسه، ثم سأله الفقراءُ أن يَلْبَسَ جُبَّةً، فلَبِسَ، وأنّه ما لِقيَ أحدا إلا ابتسمَ لَهُ.

قَالَ: ورأيتُ ابن شير المغربيَّ، وحجَّ سنة، ثم قدم وحضر عند الفقراء، فقال: كيف كَانَ وصولُ الشَّيْخ؟ قَالُوا: الشَّيْخ ما حجَّ. فقال: والله لقد سلمتُ عَلَيْهِ عَلَى الجبل وصافحتهُ، ثم أتى إِلَيْهِ وسلّم عَلَيْهِ، وقال: يا شيخ غانم أما سَلَّمتُ عليكَ بالجبلِ؟ فَتَبسَّمَ وقال: يا شمسَ الدّين هذا يكونُ بحُسْنِ نظرِك والسكوتُ أَصْلَحَ.

وحكى الشيخُ القُدوة إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه الأرمويُّ قَالَ: حضرتُ مَعَ والدي سماعا حضره الشيخ غانم والشيخ طيّ والشيخ عليّ الحريريّ، فلمّا تكَلَّمَ الحادي حَصَلَ للشيخ غانم حالٌ، فحملني وقامَ بي، ودارَ مِرارًا، فَنظَرْت، فإذا بي فِي غير ذَلِكَ الموضع، ورأيتُ بلادا عجيبة، وأشجارا غيرَ المعهودة، وناسا مُوَشحينَ بوزْرات، حتّى رَأَيْت شخصا خارجا من باب حديقةٍ وهو يسوقُ بقرة، فهالَني ذَلِكَ.

فلمّا جلس بي الشَّيْخ، قَالَ لَهُ الشَّيْخ طيُّ أو غيره: أيش كانت وظيفةُ وُلِد الشَّيْخ عليك فِي هذه القومَةِ؟ فلم ينطق. فقال والدي: الشَّيْخ عَبْد اللَّه فرّج ولدي فِي إقليم الهند وجاء، فسكت الشَّيْخ غانم. هَذِهِ الحكاية يرويها قاضي القضاة أبو الْعَبَّاس بْن صصريّ، والشيخ علاء الدّين عَلى ابن شيخنا شمس الدّين مُحَمَّد سِبْطِ الشَّيْخِ غانم.

وقد أفردَ سيرة الشَّيْخ غانم فِي «جُزءِ» مليحٍ حفيدُ شيخنا شمس الدّين المذكور المولى الإمامُ أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد ابن الشَّيْخ علاء الدّين- أبقاهما اللَّه ورحمهما- وقال: تُوُفّي فِي غُرَّةِ شَعْبان سنة اثنتين وثلاثين، ودُفَن فِي الحضرة التي بها صاحبه ورفيقُه الشَّيْخ عَبْد اللَّه الُأرْمَوي بسفحِ قاسِيُون.

[[حرف الميم]]

١١٧- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [١] بْن مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الملك.


[١] انظر عن (محمد بن أحمد الأندلسي) في: تكملة الصلة لابن الأبار ٢/ ٦٣٣.