للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِت [١]

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني عاصم بن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: قَدِمَ سُوَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، وَكَانَ سُوَيْدٌ يُسَمِّيهِ قَوْمُهُ فِيهِمُ (الْكَامِلَ) لِسِنِّهِ وَجَلَدِهِ وَشِعْرِهِ، فَتَصَدَّى [٢] لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَاهُ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ سُوَيْدٌ:

فَلَعَلَّ الَّذِي مَعَكَ مِثْلُ الَّذِي مَعِي، فقال لَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا الَّذِي مَعَكَ» ؟ قَالَ: مِجَلَّةُ لُقْمَانَ، يَعْنِي حِكْمَةَ لُقْمَانَ، قَالَ: اعْرِضْهَا، فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ حَسَنٌ، وَالَّذِي مَعِي أَفْضَلُ مِنْهُ، قُرْآنٌ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيَّ» ، فَتَلَا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَقَوْلٌ حَسَنٌ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى قَوْمِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قَتَلَتْهُ الْخَزْرَجُ، فَكَانَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ يَقُولُونَ: إِنَّا لَنَرَى أَنَّهُ قُتِلَ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَكَانَ قَتْلُهُ يَوْمَ بُعَاثٍ [٣] .

وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: وَسُوَيْدٌ الَّذِي يَقُولُ:

أَلَا رُبَّ مَنْ تَدْعُو صَدِيقًا وَلَوْ تَرَى ... مَقَالَتَهُ بِالْغَيْبِ سَاءَكَ مَا يَفْرِي

مَقَالَتُهُ كَالشَّهْدِ مَا كَانَ شَاهِدًا ... وَبِالْغَيْبِ مَأْثُورٌ عَلَى ثَغْرَةِ النَّحْرِ

يَسُرُّكَ بَادِيهِ وَتَحْتَ أَدِيمِهِ ... تَمِيمَةُ [٤] غِشٍّ تَبْتَرِي عَقَبَ الظَّهْرِ

تُبَيِّنُ لَكَ الْعَيْنَانِ مَا هُوَ كَاتِمٌ ... مِنَ الْغِلِّ وَالْبَغْضَاءِ بِالنَّظَرِ الشَّزْرِ

فَرِشْنِي بِخَيْرٍ طَالَمَا قَدْ بَرَيْتَنِي ... وَخَيْرُ الْمَوَالِي يَرِيشُ ولا يبري [٥]


[١] العنوان إضافة من سيرة ابن هشام.
[٢] في المنتقى لابن الملا «فعرض» .
[٣] في سيرة ابن هشام ٢/ ١٧٥ «قبل يوم بعاث» ، وفي تاريخ الطبري ٢/ ٣٥٢، ونهاية الأرب ١٦/ ٣٠٥ «قبل بعاث» .
[٤] في السيرة «نميمة» بالنون.
[٥] الأبيات في سيرة ابن هشام ٢/ ١٧٥، وهي في تاريخ الطبري ٢/ ٣٥١ مع اختلاف في الألفاظ، وانظر سيرة ابن كثير ٢/ ١٧٣- ١٧٤.