للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ! وَكَانَ عَلِيٌّ ضَرَبَهُ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ. فَصَاحَ عَلِيٌّ: يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ، مَنْ جَاءَ بِهِ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَكَانَ مَعَنَا قَوْمُ بُخَارِيَّةَ، فَرَمَوْهُ وَزَنَّدَهُ وَقَالُوا: نَقْتُلُكَ وَنَأْخُذُ مَالَكَ [١] .

مَقْتَلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى

وَخَرَجَ مِنْ عَسْكَرِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسُ بْنُ اللَّيْثِ وَرَجُلٌ آخر، فشدّ عليه طاهر فضربه قتله، وَشَدَّ دَاوُدُ سِيَاهٌ عَلَى عَلِيِّ بْنِ عِيسَى فَصَرَعَهُ وَهُوَ لا يَعْرِفُهُ [٢] .

فَقَالَ طَاهِرُ بْنُ التَّاجِيِّ: أَعَلِيُّ بْنُ عِيسَى أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ! وَظَنَّ أَنَّهُ يُهَابُ فَلا يَقْدِمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. فشَدَّ عَلَيْهِ وَذَبَحَهُ بِالسَّيْفِ، ثُمَّ انْهَزَمَ جَيْشُهُ [٣] .

انْهِزَامُ الْبُخَارِيَّةِ

قَالَ أَحْمَدُ: فَتَبِعْنَاهُمْ فَرْسَخَيْنِ، وَأَوْقَفُونَا اثنتي عشر مَرَّةً كُلُّ ذَلِكَ نَهْزِمُهُمْ. فَلَحِقَنِي طَاهِرُ بْنُ التَّاجِيِّ وَمَعَهُ رَأْسُ عَلِيٍّ [٤] ، فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ شُكْرًا. وَوَجَدْنَا فِي عَسْكَرِهِ سَبْعَمِائَةِ كِيسٍ، فِي كُلِّ كِيسٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَوَجَدْنَا عِدَّةَ بِغَالٍ عَلَيْهَا له خَمْرٌ سَوَادِيٌّ. فَظَنَّتِ الْبُخَارِيَّةُ أَنَّهُ مَالٌ، فَكَسَرُوا تِلْكَ الصَّنَادِيقَ فَرَأَوْهُ خَمْرًا، فَضَحِكُوا وَقَالُوا: عَمِلْنَا الْعَمَلَ [٥] حَتَّى نَشْرَبَ.

التَّسْلِيمُ بِالْخِلافَةِ لِلْمَأْمُونِ

وَأَعْتَقَ طَاهِرٌ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ غِلْمَانِهِ شُكْرًا. فَلَمَّا وَصَلَ الْبَرِيدُ إِلَى الْمَأْمُونِ سَلَّمُوا عَلَيْهِ بالخلافة، وطيف بالرأس في خراسان [٦] .


[١] تاريخ الطبري ٨/ ٣٩٣، الكامل في التاريخ ٦/ ٢٤٣، ٢٤٤.
[٢] الطبري ٨/ ٣٩٣، الكامل ٦/ ٢٤٤، العيون والحدائق ٣/ ٣٢٤، تاريخ ابن خلدون ٣/ ٢٣٣، مروج الذهب ٣/ ٣٩٩، مرآة الجنان ١/ ٤٤٧.
[٣] الطبري ٨/ ٣٩٣، العيون والحدائق ٣/ ٣٢٤، تاريخ اليعقوبي ٢/ ٤٣٧، الأخبار الطوال ٣٩٨، تاريخ الخلفاء ٢٩٨.
[٤] مروج الذهب ٣/ ٤٠٠، تاريخ اليعقوبي ٢/ ٤٣٧.
[٥] في تاريخ الطبري ٨/ ٣٩٤ «عملنا الجدّ» .
[٦] تاريخ الطبري ٨/ ٣٩٤، العيون والحدائق ٣/ ٣٢٥، تاريخ ابن خلدون ٣/ ٢٣٤.