للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ [١] .

ثُمَّ جَعَلَهُ فِي قَبَائِهِ [٢] وَخَرَجَ إِلَى الْحَبَشَةِ. وَصَفُّوا لَهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْحَبَشَةِ، أَلَسْتُ أَحَقَّ النَّاسِ بِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَكَيْفَ رَأَيْتُمْ سِيرَتِي فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرُ سَيرَةٍ. قَالَ: فَمَا بَالُكُمْ؟ قَالُوا: فَارَقْتَ دِينَنَا وَزَعَمْتَ أَنَّ عِيسَى عَبْدٌ. قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: هُوَ ابْنُ اللَّهِ. فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، عَلَى قَبَائِهِ، وَقَالَ: هو يشهد أنّ عيسى بن مَرْيَمَ. لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَعْنِي عَلَى مَا كَتَبَ. فَرَضُوا وَانْصَرَفُوا.

فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [٣] وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا [٤] اسْتِطْرَادًا.

سَرِيَّةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ الْخَطْمِيِّ [٥]

ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ [٦] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ لِخَمْسٍ بَقِينَ مُنْ رَمَضَانَ، إِلَى عَصْمَاءَ بِنْتِ مَرْوَانَ، مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، كَانَتْ تَعِيبُ الْإِسْلَامَ، وَتُحَرِّضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُ الشَّعْرَ. فَجَاءَهَا عُمَيْرٌ بِاللَّيْلِ فَقَتَلَهَا عيلة [٧] .


[١] في ع (وكلمته ألقاها) وفي السيرة: (وكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ ٤: ١٧١) .
[٢] القباء: نوع من الثياب تجتمع أطرافه، وهو من ملابس الأعاجم في الأغلب.
[٣] سيرة ابن هشام ٢/ ٨٩، ٩٠.
[٤] في ح: وإنّما ذكرنا هذا بعد بدر استطرادا.
[٥] هو عمير بن عديّ بن خرشة بن أميّة بن عامر بن خطمة، كان أبوه شاعرا، وهو أول من أسلم من بني خطمة. ولم يشهد بدرا لضرارته. (الإصابة ٣/ ٣٣، ٣٤) .
[٦] الواقدي: كتاب المغازي (١/ ١٧٢- ١٧٤) وانظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٢/ ٢٧، ٢٨ وعيون الأثر ١/ ٢٩٣.
[٧] ويذكر الواقدي أنّ عميرا حين بلغه قولها وتحريضها قال: اللَّهمّ إنّ لك عليّ نذرا لئن رددت رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المدينة لأقتلنّها- ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يومئذ ببدر- فلما رجع رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بدر