للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانتخب المنتصر معه عشرة آلاف، وأنفق فيهم الأموال، وساروا. ثمّ بعث المنتصر إلى وصيف يأمره بالمقام بالثَّغْر أربع سِنِين [١] .

[خلع المعتزّ والمؤيّد من العهد]

وفي صفر خَلَعَ المعتزّ والمؤيَّد أنفسَهُما من العهد مُكْرَهَيْن.

لمّا استقامت الأمور للمنتصر ألحّ عليه أحمد بن الخصيب، ووصيف، وبغا في خلعهما خوفًا من موته قبل المعتزّ، فيهلكهم المعتزّ. وكان المنتصر مكرِمًا للمعتزّ والمؤيد إلى أربعين يومًا من خلافته، ثمّ جعلهما في حُجْرة، فقال المعتزّ لأخيه: أحضرنا يا شقيّ هنا للخلْع.

قال: ما أظنّه يفعل.

فجاءتهم الرُّسُل بالخَلْع، فأجاب المؤيّد، وامتنع المعتزّ وقال: إن كنتم تريدون قتْلي فافعلوا.

فمضوا وعادوا فحبسوه في بيتٍ، وأغلظوا له، ثمّ دخل عليه أخوه المؤيّد وقال: يا جاهل قد رأيت ما جرى على أبينا، وأنت أقربُ إلى القتل، اخلَعْ، ويلك، فإن كان في عِلْم الله أنّك تلي لَتَلِيَنَّ.

فخلع نفسه، وكتبا على أنفسهما أنّهما عاجزان، وقصْدنا أن لا يأثَم المتوكّل بسببنا، إذ لم نكن له موضعًا. واعترفا بذلك في مجلس العامّة بحضرة جعفر بن عبد الواحد الهاشميّ، ووَصِيف، وبُغا، ومحمد بن عبد الله بن طاهر، وبُغا الصّغير، وأعيان بني عمّهما.

فقال لهما المنتصر: أَتَرَياني خلعتكما طمعًا في أن أعيش بعدكما حتّى يكبر ولدي عبد الوهَّاب وأُبايع له؟ والله ما طمعت في ذلك. وو الله لأن يلي بنو أبي أحبّ إليَّ من أن يلي بنو عمّي، ولكنّ هؤلاء- وأومأ إلى الأمراء- ألحّوا عليَّ في خلْعكما، فخفت عليكما من القتْل إن لم أفعل، فما كنت أصنع؟


[١] انظر عن هذا الخبر بالتفصيل في:
تاريخ الطبري ٩/ ٢٤٠- ٢٤٤، والنجوم الزاهرة ٢/ ٣٢٦.