للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن الفرات: كان إسحاق- رحمه الله- من العلماء باللغة، والفقه، والكلام، والأشعار، وأخبار الشعراء، وأيام النّاس، وكان كثير الكتب، حتّى قال ثعلب: رأيت لإسحاق الموصلي ألف جزء من لغات العرب كلها سماعه، وما رأيت اللغة في منزل أحد أكثر منها في منزل إسحاق ثم منزل ابن الأعرابي، وهو صاحب كتاب «الأغاني» الذي يرويه عنه ابنه حمّاد، وقد روى عنه أيضا الزّبير بن بكّار، ومصعب بن عبيد الزّبيري، وأبو العيناء، وميمون بن هارون، وغيرهم.

وقال عون بن محمد الكلبي: حدثنا محمد بن عطية العطويّ الشاعر، أنه كان عند يحيى بن أكثم في مجلس له يجتمع النّاس فيه، فرآني إسحاق بن إبراهيم، فأخذ يناظر أهل الكلام حتّى انتصف منهم، ثم تكلم في الفقه فأحسن، وقاس، واحتج، وتكلم في الشعر واللغة، ففاق من حضر، فأقبل على يحيى وقال: أعزّ الله القاضي، أفي شيء مما ناظرت فيه وحكيته نقص أو مطعن؟ قال: لا.

وكان إسحاق قد عمي قبل وفاته بسنتين.

حدّث أبو عبد الله النديم قال: لقيت إسحاق بن إبراهيم الموصلي بعد ما كفّ بصره، فسألني عن أخبار النّاس والسلطان، فأخبرته.

ومن أخباره ما روي عنه أنه قال: أخبرني رجل من بني تميم أنه خرج في طلب ناقة له، قال: فوردت على ماء من مياه طيء فإذا خباءان أحدهما قريب من الآخر، وإذا في أحد الخباءين شاب كأنه الشّنّ [١] البالي، فدنوت منه فرأيت من حاله ما رثيت له، فسألته عن خبره؟ فأعلمني أنه عاشق لابنة عمّ له. وقد كان يأتيها فيتحدث معها، وقد منع من لقائها [٢] فنحل لذلك جسمه وطال همّه، وأنشأ يقول:


[١] قال ابن منظور: الشّنّ والشّنّة: الخلق من كل آنية صنعت من جلد. «لسان العرب» (شنن) .
[٢] في المطبوع: «لقياها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>