للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: كان زنديقا يتستر بمذهب الخوارج، وهو أشبه، فإن الموفّق كتب إليه وهو يحاربه في سنة سبع وستّين، يدعوه إلى التوبة والإنابة إلى الله، مما فعل من سفك الدماء، وسبي الحريم، وانتحال النّبوّة والوحي، فما زاده الكتاب إلّا تجبّرا وطغيانا.

ويقال: إنه قتل الرسول، فنازل الموفّق مدينته المختارة، فتأملها فإذا [هي] مدينة حصينة محكمة الأسوار، عميقة الخنادق، فرأى شيئا مهولا، ورأى من كثرة المقاتلة ما أذهله، ثم رموه رمية واحدة بالمجانيق والمقاليع والنّشّاب، وضجوا ضجة [١] ارتجّت منها الأرض، فعمد الموفّق إلى مكاتبة قوّاد الخبيث واستمالهم، فاستجاب له عدد منهم، فأحسن إليهم.

وقيل: كان الخبيث منجما يكتب الحروز، وأول شيء كان بواسط، فحبسه محمد بن أبي عون ثم أطلقه، فلم يلبث أن خرج بالبصرة واستغوى السودان، والزبّالين، والعبيد، فصار أمره إلى ما صار. ذكر جميع ذلك في «العبر» [٢] .

وفيها، في ذي القعدة، توفي أمير الدّيار المصرية والشامية أبو العبّاس أحمد بن طولون وهو في عشر الستين. [وخلّف عشرة آلاف دينار، وكان له أربعة عشر ألف مملوك، وكان كريما، شجاعا، مهيبا، حازما، لبيبا] [٣] .

قال القضاعي: كان طائش السيف، فأحصي من قتله صبرا، أو مات في سجنه، فكانوا ثمانية عشر ألفا، وكان يحفظ القرآن، وأوتي حسن الصوت به، وكان كثير التلاوة، وكان أبوه من مماليك المأمون، مات سنة أربعين


[١] في «العبر» للذهبي: «وصاحوا صيحة» .
[٢] «العبر في خبر من عبر» للذهبي (٢/ ٤٧- ٤٩) .
[٣] ما بين حاصرتين زيادة من «العبر» للذهبي (٢/ ٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>