للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها توفي الإمام أبو بكر، أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النّبيل الشيبانيّ البصريّ الحافظ، قاضي أصبهان، وصاحب المصنفات، وهو في عشر التسعين، في ربيع الآخر. سمع من جدّه لأمه موسى بن إسماعيل، وأبي الوليد الطّيالسي، وطبقتهما. وكان إماما، فقيها، ظاهريّا، صالحا، ورعا، كبير القدر، صاحب مناقب.

قال السخاوي في «طبقاته» : أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النّبيل، ورد أصبهان، وسكنها، وولي القضاء بعد وفاة صالح بن أحمد بن حنبل، وكان من الصيانة والعفّة بمحل عجيب، رؤي في النوم بعد موته بقليل، فقيل له:

ما فعل الله بك؟ قال: يؤنسني ربي. قال الرائي: فشهقت شهقة وانتبهت.

وقال: ذهبت كتبي فأمليت من ظهر قلبي خمسين ألف حديث.

وقيل له: أيّها القاضي! بلغنا أن ثلاثة نفر كانوا بالبادية وهم يلقمون الرمل، فقال واحد من القوم: إنك قادر على أن تطعمنا خبيصا [١] على لون هذا الرمل، فإذا هم بأعرابي وبيده طبق، فسلّم عليهم، ووضع بين أيديهم طبقا عليه خبيص حارّ، فقال ابن أبي عاصم: قد كان ذاك، وكان الثلاثة، عثمان بن صخر الزّاهد أستاذ أبي تراب النّخشبيّ، وأبو تراب، وأحمد بن عمرو، أي صاحب الترجمة. وهو الذي دعا.

وقال أبو موسى المديني: جمع بين العلم، والفهم، والحفظ، والزّهد، والعبادة، والفقه، من أهل البصرة. قدم أصبهان، وصحب جماعة من النّسّاك، منهم: أبو تراب النّخشبيّ، وسافر معه، وقد عمّر، وكان فقيها ظاهريّ المذهب، وصنّف في الردّ على داود الظاهري، وكان بعد ما دخل في القضاء، إذا سئل عن مسألة الصوفية، يقول: القضاء والدنية والكلام في علم الصوفية محال.


[١] قال ابن منظور: الخبيص الحلواء المخبوصة. «لسان العرب» (خبص) .

<<  <  ج: ص:  >  >>