للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكيم، الحرّانيّ. كان في مبدأ أمره بحرّان، ثمّ انتقل إلى بغداد، فاشتغل بعلوم الأوائل، فمهر فيها، وبرع في الطب، وكان الغالب عليه الفلسفة، حتّى قال ابن خلّكان [١] : كان صابئيّ النّحلة وله تآليف كثيرة في فنون من العلم مقدار عشرين تأليفا، منها «تاريخ» حسن، وأخذ كتاب إقليدس [٢] ، فهذّبه، ونقّحه، وأوضح منه ما كان مشتبها، وكان من أعيان أهل عصره في الفضائل، وجرى بينه وبين أهل مذهبه أشياء أنكروها عليه في المذهب، فرفعوه [٣] إلى رئيسهم، فأنكر عليه مقالته ومنعه من دخول الهيكل، فتاب ورجع عن ذلك، ثم عاد بعد مدة إلى تلك المقالة، فمنعوه من الدخول إلى المجمع، فخرج من حرّان ونزل كفرتوثا- قرية كبيرة بالجزيرة الفراتية [٤]- وأقام بها مدة، إلى أن قدم محمد بن موسى من بلاد الرّوم راجعا إلى بغداد، فاجتمع به، فرآه فاضلا فصيحا، فاستصحبه إلى بغداد، وأنزله في داره، ووصله بالخليفة، فأدخله في جملة المنجّمين، فسكن بغداد وأولد أولادا [٥] منهم ولده:

إبراهيم بن ثابت، بلغ رتبة أبيه في الفضل، وكان من حذّاق الأطباء، ومقدّم أهل زمانه في صناعة الطب، وعالج مرّة السّريّ الرّفّاء [٦] الشاعر، فأصاب العافية، فعمل فيه وهو أحسن ما قيل في طبيب:


[١] في «وفيات الأعيان» (١/ ٣١٣- ٣١٥) وقد نقل المؤلف عنه بتصرّف واختصار.
[٢] في المطبوع: «إقليدوس» وهو خطأ، وانظر «إخبار العلماء بأخبار الحكماء» للقفطي ص (٤٥) طبع مكتبة المتنبي بالقاهرة.
[٣] في «وفيات الأعيان» : «فرافعوه» .
[٤] انظر «معجم البلدان» لياقوت (٤/ ٤٦٨- ٤٦٩) .
[٥] في «وفيات الأعيان» : «وأولد الأولاد» .
[٦] هو السري بن أحمد بن السري الكندي، أبو الحسن، وسوف ترد ترجمته مفصّلة في المجلد الرابع من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>