للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي كانت تؤخذ بالحرمين، وضبط الأمر، وكانت الخلافة قد وهى أمرها وضعف، فأعزّها الله تعالى بالمعتضد، وأيّدها بتدبيره وسياسته، فكان يقال له:

السّفّاح الثاني، وكانت أم المعتضد أمّ ولد تسمى ضرار [١] ، وكان له خادم يقال له: بدر، من أغزر النّاس مروءة، وأظرفهم وأحسنهم أدبا، وكان المعتضد يحبّه حبّا شديدا.

قال أبو الحسن علي بن محمد الأنطاكي: كنت يوما بين يدي المعتضد- وهو مغضب- إذ دخل عليه خادمه بدر، فلما رآه تبسّم وقال لي: يا علي من هو قائل:

في وجهه شافع يمحو إساءته ... من القلوب وجيها أينما شفعا

قلت: يقوله الحسن بن أبي القاسم البصري، فقال: لله درّه، أنشدني بقية هذا الشعر، فأنشدته قوله:

ويلي على من أطار النّوم فامتنعا ... وزاد قلبي إلى أوجاعه وجعا

كأنّما الشّمس من أعطافه لمعت ... يوما أو البدر من أزراره طلعا

مستقبل بالذي يهوى وإن كثرت ... منه الذّنوب ومعذور بما صنعا [٢]

في وجهه شافع.... البيت قال: فلما فرغت من إنشاده، أجازني وانصرفت.

قال ابن حمدون: كنت مع المعتضد يوما وقد انفرد من العسكر، وتوسطنا الصحراء، إذ خرج علينا أسد وقرب منّا وقصدنا، فقال لي: يا ابن حمدون فيك خير؟ قلت: لا والله يا سيدي. قال: ولا تلزم لي فرسي؟ قلت:


[١] في الأصل، المطبوع: «صرار» وهو تصحيف، والتصحيح من «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (٧/ ٥١٤) .
[٢] الأبيات في «النجوم الزاهرة» (٣/ ١٢٩) والبيتان الأولان في «الأغاني» (١٤/ ١٦٤) ونسبتها في المصدرين إلى الحكم بن قنبر المازني.

<<  <  ج: ص:  >  >>